للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ فَرِيقَيْنِ اخْتَصَمُوا فَقُضِيَ عَلَى أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ فَخَرَجَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِمْ يُحَدِّثُونَ النَّاسَ عَلَانِيَةً أَنَّهُ قُضِيَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ اُحْتِيجَ إلَى قَضَاءِ ذَلِكَ الْقَاضِي فَلَمْ يُوجَدْ عَنْهُ أَحَدٌ عَلِمَ بِذَلِكَ إلَّا الَّذِينَ سَمِعُوا مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ عِنْدَهُمْ قَدْ قُضِيَ عَلَيْنَا، فَسُئِلُوا لِلشَّهَادَةِ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ يَقُولُونَ سَمِعْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ وَلَا نَدْرِي أَكَانَ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَالَ مَالِكٌ: وَلَرُبَّمَا قَالَ الْمَرْءُ قَدْ قُضِيَ عَلَيَّ وَمَا قُضِيَ عَلَيْهِ، وَإِنِّي لَأَرَى هَذِهِ الشَّهَادَةَ ضَعِيفَةً.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لِي مُطَّرِفٌ فِي الرَّجُلَيْنِ يَشْهَدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُمَا كَانَا شَهِدَا عِنْدَ قَاضٍ قَبْلَهُ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ، وَأَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ قَدْ قَضَى بِشَهَادَتِهِمَا فَإِنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ، وَيَبْتَدِئُ هَذَا الْقَاضِي الْحُكْمَ بِهِمَا كَأَنَّهُمَا ابْتَدَآ وَضْعَهَا عِنْدَهُ وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ أَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِهَا فَيَكُونُ حُكْمًا قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، وَلَا أَرَى مَا ذَكَرَا فِي شَهَادَتِهِمَا مِنْ قَضِيَّةِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ تُفْسِدُ شَهَادَتَهُمَا.

وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا فِي ذَلِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا عَلَى أَصْلِ الشَّهَادَةِ وَلَا عَلَى الْحُكْمِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا إذَا سَقَطَتْ فِي الْحُكْمِ بِهَا اُتُّهِمَا فِيهَا كُلِّهَا.

وَقَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَأَصْبَغُ وَبِهِ نَقُولُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلَوْ كَانَا لَمْ يَجْمَعَا الْأَمْرَيْنِ وَشَهِدَا عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ فَقَطْ أَوْ عَلَى أَصْلِ الشَّهَادَةِ وَسَكَتَا عَنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ جَازَتْ.

مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ الشُّهَدَاءُ يَشْهَدُونَ عِنْدَ قَاضٍ عَلَى حَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ ثُمَّ يَكْتُبُ بِذَلِكَ إلَى قَاضٍ غَيْرِهِ فَلَمْ يَجِدْ شُهُودًا يَشْهَدُونَ عَلَى كِتَابِهِ إلَيْهِ إلَّا أُولَئِكَ الشُّهُودَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى أَصْلِ الْحُكْمِ، فَذَلِكَ الْكِتَابُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمْ وَلَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهُمْ بَعْدُ لَا عَلَى أَصْلِ الشَّهَادَةِ وَلَا عَلَى ثُبُوتِ الْكِتَابِ إلَّا أَنْ يُعِيدُوا الشَّهَادَةَ عِنْدَ هَذَا الْحَاكِمِ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، إمَّا عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ فَقَطْ، وَإِمَّا عَلَى ثُبُوتِ الْكِتَابِ، وَهَكَذَا سَمِعْت أَصَبْغَ يَقُولُ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ سَحْنُونٌ: أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ مَنْ شَهِدَ بِشَهَادَةٍ عِنْدَ الْقَاضِي فَرَدَّهَا لِتُهْمَةٍ أَوْ لِجُرْحَةٍ ثُمَّ شَهِدَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي بَعْدَ أَنْ زَالَتْ التُّهْمَةُ وَزَالَتْ الْجُرْحَةُ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ شَهِدَ لِزَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ زُكِّيَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ فَإِنَّ تِلْكَ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ حَاكِمًا رَدَّهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهَادَةٍ رَدَّهَا حَاكِمٌ لَا تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>