للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْوَاضِحَةِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَالْمَرْأَةُ يَقَعُ لَهَا مُورَثٌ فِي بَلَدٍ فَتُرِيدُ أَنْ تُوَكِّلَ عَلَى ذَلِكَ وَكِيلًا غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ يَقُومُ لَهَا فِي ذَلِكَ الْمُورَثِ، فَيَشْهَدُ لَهَا شُهُودٌ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي مَعَهَا فِي الْبَلَدِ أَنَّهَا وَكَّلَتْ ذَلِكَ الْغَائِبَ، وَلَمْ تَحْضُرْ الْمَرْأَةُ وَلَا وَكِيلُهَا عَلَى الْقِيَامِ بِتَوْكِيلِ الْغَائِبِ، فَلَا نَرَى لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ لَهَا بِذَلِكَ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُورَثِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تَجُوزُ هَكَذَا؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا شُهُودًا وَمُوَكَّلِينَ فِيمَا شَهِدُوا فِيهِ وَبِالْقِيَامِ بِهِ، كَأَنَّهُمْ شَهِدُوا؛ لِأَنْفُسِهِمْ فِي بَعْضِ شَهَادَتِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَيَشْهَدُ الشُّهُودُ عَلَى تَوْكِيلِهَا الْغَائِبَ وَتُقِيمُ أَحَدًا يَقُومُ لَهَا بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْهَدَ لَهَا أُولَئِكَ الشُّهُودُ أَنَّهَا وَكَّلَتْ هَذَا بِالْقِيَامِ لَهَا بِتَوْكِيلِ الْغَائِبِ، فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ إنَّمَا يُؤَدُّونَ شَهَادَتَهُمْ عِنْدَ الْقَاضِي فَقَطْ وَلَا يُقَاضُونَهُ بِتَنْفِيذِ ذَلِكَ وَلَا يَسْأَلُونَهُ الْكِتَابَ لَهَا بِهِ، ثُمَّ يَكُونُ الْقَاضِي يَصْنَعُ فِي ذَلِكَ مَا رَأَى وَيُرْسِلُ إلَيْهَا أَنْ تُوَكِّلَ مَنْ يَقُومُ لَك عِنْدِي بِمَا شَهِدَ لَك بِهِ الشُّهُودُ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ.

وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِهِ نَقُولُ، وَقَدْ سَمِعْت مُطَّرِفًا يَسْتَخِفُّ جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ فِي ذَلِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

مَسْأَلَةٌ: إذَا اشْتَمَلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى مَا فِيهِ تُهْمَةٌ وَمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ رُدَّتْ كُلُّهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، قَالَ أَصَبْغُ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ ثُمَّ شَهِدَ الْعَبْدَانِ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا مِنْ فُلَانٍ وَغَصَبَ مَعَهُمَا مِائَةَ دِينَارٍ: فَإِنَّ شَهَادَتَهُمَا جَائِزَةٌ فِي الْمِائَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُمَا يُتَّهَمَانِ عَلَى إرْقَاقِ أَنْفُسِهِمَا وَمِثْلُ ذَلِكَ شَهَادَةُ الْمَسْلُوبِينَ عَلَى الْمُحَارَبِينَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُقْبَلُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ دُونَ مَا ادَّعَوْهُ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ جِدًّا فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ.

وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَسْلُوبِ لِغَيْرِهِ، وَقِيلَ تَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِيمَا قَلَّ، وَقِيلَ تَجُوزُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ قَالَهُ مُطَّرِفٌ وَابْنُ حَبِيبٍ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ أَنْكَرَ شَهَادَتَهُ ثُمَّ شَهِدَ فَلَا يَضُرُّهُ مِثْلَ أَنْ يَلْقَاهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، فَيَسْأَلَهُ فَيَقُولَ لَهُ الشَّاهِدُ مَا أَشْهَدُ عَلَيْك بِشَيْءٍ وَلَا عِنْدِي عَلَيْك شَهَادَةٌ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ وَلَا يَضُرُّهُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ.

مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَلَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ مَا شَهِدْت بِهِ عَلَيْك فَأَنَا فِيهِ مُبْطِلٌ فَلَا يَضُرُّهُ هَذَا الْقَوْلُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ شَهَادَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>