للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْطُ السَّادِسُ: أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، وَيُكْتَفَى بِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ أَرْبَعَةٌ.

الشَّرْطُ السَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ فَاشِيًا مِنْ الثِّقَاتِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَمَّا كَوْنُهُ فَاشِيًا فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ الثِّقَاتِ فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَحْصُلَ لِلشَّاهِدِ عِلْمٌ أَوْ ظَنٌّ يُقَارِبُهُ، وَرُبَّمَا كَانَ خَبَرُ الْعَدْلِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ مُفِيدًا، لِمَا يُفِيدُهُ خَبَرُ الْعَدْلِ لِقَرَائِنَ تَحْتَفُّ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ السَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ الْعَدْلِ وَمِنْ الْعَدْلِ، وَأَنَّ كَوْنَ السَّمَاعِ مَقْصُورًا عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ يُخْرِجُهُ إلَى نَقْلِ الشَّهَادَةِ عَنْ الْمُعَيَّنِينَ، وَذَلِكَ بَابٌ آخَرُ.

وَأَمَّا مَحَلُّ شَهَادَةِ السَّمَاعِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ مِنْ الْمَوَاطِنِ الَّتِي يُشْهَدُ فِيهَا بِالسَّمَاعِ أَحَدًا وَعِشْرِينَ مَوْطِنًا، وَقَدْ نَظَمْتهَا فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ:

أَيَا سَائِلِي عَمَّا يَنْفُذُ حُكْمُهُ ... وَيُثْبِتُ سَمْعًا دُونَ عِلْمٍ بِأَصْلِهِ

فَفِي الْعَزْلِ وَالتَّجْرِيحِ وَالْكُفْرِ بَعْدَهُ ... وَفِي سَفَهٍ أَوْ ضِدَّ ذَلِكَ كُلِّهِ

وَفِي الْبَيْعِ وَالْأَحْبَاسِ وَالصَّدَقَاتِ مَعَ ... رَضَاعٍ وَخُلْعٍ وَنِكَاحٍ وَحَلِّهِ

وَفِي قِسْمَةٍ أَوْ نِسْبَةٍ وَوِلَادَةٍ ... وَمَوْتٍ وَحَمْلٍ وَالْمُضِرِّ بِأَهْلِهِ

فَقَدْ كَمُلَتْ عِشْرِينَ مِنْ بَعْدِ وَاحِدٍ ... تَدُلُّ عَلَى حِفْظِ الْفَقِيهِ وَنُبْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>