للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْحَاكِمِ يَكْتُبُ الشَّهَادَةَ أَوْ الْأَمْرَ يُرِيدُهُ مِنْ الْخَصْمَيْنِ فِي كِتَابٍ وَيَخْتِمُهُ وَيَدْفَعُهُ إلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ يُؤْتَى بِهِ فَيُعَرِّفُهُ بِخَاتَمِهِ أَتُرَى أَنْ يُجِيزَ مَا فِيهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ خَاتَمُهُ، فَقَدْ تُمَثَّلُ الْخَوَاتِمُ. قَالَ: هُوَ أَعْلَمُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ عِنْدَهُ، قَالَ أَصْبَغُ يُجِيزُهُ إذَا عَرَفَهُ وَعَرَفَ خَاتَمَهُ مِنْ " مُفِيدِ الْحُكَّامِ ". وَمِنْهَا أَنَّهُ يَمْنَعُ ذَاتَ الْجَمَالِ وَالْمَنْطِقِ الرَّخِيمِ أَنْ تُبَاشِرَ الْخُصُومَةَ وَيَأْمُرُهَا أَنْ تُوَكِّلَ وَكِيلًا.

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى امْرَأَةٍ شَابَّةٍ ذَاتِ جَمَالٍ وَخَافَ عَلَيْهَا إنْ تَكَلَّمَتْ أَنْ يُؤَدِّيَ سَمَاعُ كَلَامِهَا إلَى الشَّغَفِ بِهَا، فَإِنَّهَا تُؤْمَرُ أَنْ تُوَكِّلَ، وَلَا يَكُونُ مِنْ حَقِّ الْخَصْمِ أَنْ يُؤْتِيَ بِهَا إلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا وَهِيَ بِدَارِهَا تُخَاطِبُ مِنْ وَرَاءِ سِتْرِهَا مَنْ بَعَثَهُ الْقَاضِي إلَيْهَا مِمَّنْ يُؤْمَنُ فِي دِينِهِ فَعَلَ ذَلِكَ، وَيُكَلِّفُ الْقَاضِي مَنْ يَثِقُ بِدِينِهِ وَوَرَعِهِ النَّظَرَ فِي أَمْرِهَا وَسَمَاعِ حُكُومَتِهَا، «وَقَدْ أُحْضِرَتْ الْغَامِدِيَّةُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَقَرَّتْ بِالزِّنَا فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَرْأَةِ الْأُخْرَى وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» فَلَمْ يَأْمُرْ بِإِحْضَارِهَا لِسَمَاعِ ذَلِكَ مِنْهَا، وَلَعَلَّهَا كَانَتْ عَلَى حَالٍ لَا يَحْسُنُ إحْضَارُهَا وَخِطَابُهَا بِمَحْضَرِ النَّاسِ.

وَمِنْهَا أَنَّهُ يُجِيبُ الْغَرِيمَ إذَا سَأَلَهُ رَفْعَ غَرِيمِهِ إنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ أَوْ فِيمَا قَرُبَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَمْ يَأْمُرْ بِرَفْعِهِ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَقُّ عِنْدَهُ وَلَوْ بِشَاهِدٍ، وَالْقُرْبُ قِيلَ قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَتَحْدِيدُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ فِي بَابِ الْعُقُوبَةِ بِالسَّجْنِ.

وَفِي " تَنْبِيهِ الْحُكَّامِ عَلَى مَآخِذِ الْأَحْكَامِ " قَالَ: وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا سَأَلَهُ الطَّالِبُ رَفْعَ غَرِيمِهِ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَسْتَوْجِبُ بِهِ رَفْعَهُ، فَإِنْ أَظْهَرَ حُجَّةً أَوْ قَوْلًا يُوجِبُ ذَلِكَ أَجَابَهُ وَإِنْ لَمْ يُظْهِرْهُ عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَبْعَثُ لِذَلِكَ أَحَدًا، لَا سِيَّمَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَبْعُدُ، وَلِأَنَّ حُضُورَ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ يُزْرِي بِبَعْضِ النَّاسِ، فَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي إذَايَتِهِ مَذْكُورٌ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ، قَالَ وَإِذَا كَانَ عَلَى خَصْمِهِ كَلَّفَهُ فِي ارْتِفَاعِهِ إلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ فَلَا يَبْعَثُ لَهُ إلَّا بَعْدَ التَّوَثُّقِ، وَقَدْ كَانَ سَحْنُونٌ لَا يَكْتُبُ بِجَلْبِ أَحَدٍ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُقِيمَ الطَّالِبُ عِنْدَهُ شَاهِدًا عَدْلًا أَوْ مَنْ يُزَكِّي، فَإِذَا تَعَيَّنَ عِنْدَ الْقَاضِي رَفْعُ الْمَطْلُوبِ نَظَرَ فَإِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ أَوْ بِقُرْبِهِ عَلَى أَمْيَالٍ يَسِيرَةٍ كَالثَّلَاثَةِ وَنَحْوِهَا دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ طَابَعًا وَأَشْخَصَ مَعَهُ عَوِينًا وَأُجْرَتُهُ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>