فَرْعٌ: وَإِذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْقَاضِي عَنْ أَسْمَاءِ الشُّهُودِ الَّذِينَ قَبِلَهُمْ بِزَعْمِهِمْ، وَقَضَى بِهِمْ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ مَشْهُورًا بِالْعَدْلِ فُسِخَ ذَلِكَ. وَكَانَ سَحْنُونٌ يَذْهَبُ إلَى تَرْكِ الشُّهُودِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ، لِأَنَّ سَحْنُونًا يَرَى أَنْ يُقَامَ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ يُدَافِعُ عَنْهُ.
وَفِي الطُّرُرِ وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ.
فَرْعٌ: وَفِي كِتَابِ الْمُقْنِعِ لِابْنِ بَطَّالٍ: وَإِذَا أَمَرَ الْقَاضِي بِقَتْلِ رَجُلٍ أَوْ بِقَطْعِهِ أَوْ بِفَتْقِ عَيْنِهِ، فَقَالَ: هَذَا قِصَاصٌ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ ذَلِكَ حَاضِرٌ يَدَّعِي الْقِصَاصَ، فَالْقَاضِي مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَوْ أَخَذَ مَالًا مِنْ رَجُلٍ فَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ آخَرَ فَقَالَ: قَضَيْت بِهِ عَلَيْك أَوْ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ رَجُلٍ، فَقَالَ: قَضَيْت عَلَيْهِ بِهَذَا فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي هَذَا كُلِّهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَمَرَ بِحَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَامُ عَلَى رَجُلٍ وَقَالَ: قَضَيْت بِهِ عَلَيْك، وَأُقِيمَ عَلَيْهِ بِالْحَدِّ وَنَفَذَ وَكَانَ مُصَدَّقًا إذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْقَضَاءِ، وَنَزَلَ أَمْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ مِنْ الِاسْتِقْصَاءِ شَيْئًا إلَّا أَتَى بِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَضَى وَسَجَّلَ بِقَضِيَّةٍ لَمْ يَنْظُرْ فِيهَا مَنْ كَانَ بَعْدَهُ مِنْ الْقُضَاةِ، لِأَنَّهُ يُنْزِلُهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ اسْتَقْصَى، وَلَوْ فَسَّرَ كَيْفَ قَضَى؟ فَرُبَّمَا كَانَ فِي تَفْسِيرِهِ مَا يُبَيِّنُ خَطَأَهُ وَمَا يَرَى مِنْ بَعْدِهِ رَدَّهُ، وَلَوْ عُزِلَ فَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُ ذَلِكَ كُلِّهِ بِمَا قَالَ قَضَيْت بِهِ عَلَيْكُمْ إذَا كَانَ قَاضِيًا، أَوْ سَجَّلَ قَضَاءَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَكَانَ مُصَدَّقًا غَيْرَ مَسْئُولٍ بِبَيِّنَتِهِ.
فَرْعٌ: قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا كَتَبَ الْقَاضِي لِرَجُلٍ قَضَى فَكَتَبَ فِي قَضَائِهِ، سَأَلْت فُلَانًا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى فَأَتَانِي بِبَيِّنَةٍ، فَقَبِلْت عِلْمَهُمْ وَأَجَزْت شَهَادَتَهُمْ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَمِّيَهُمْ فِي قَضَائِهِ وَيَكْتُبَ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ ذَلِكَ حَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ فِي قَضَائِهِ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ قَوْلُ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: وَإِنْ قَالَ: أَشْهَدْتُكُمْ أَنِّي قَضَيْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَكْتُبْ فِي قَضَائِهِ وَسَأَلْت فُلَانًا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى فَأَتَانِي عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ هَذَا الْقَضَاءُ صَحِيحًا وَيَجُوزُ.
فَرْعٌ: وَمِنْ الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْت الَّذِي يَتَنَاوَلُ الْقَاضِيَ بِالْكَلَامِ؟ فَيَقُولُ لَهُ ظَلَمْتنِي، فَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ وَلَمْ يَجِدْ فِيهِ تَفْسِيرًا، لَا أَنَّ وَجْهَ مَا قَالَ: إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَذَاهُ، وَكَانَ الْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute