للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَتَيَاهُ فَقَالَ: أَنَا أُخَيِّرُكُمَا عَلَى أَنْ لَا تَشْهَدَا فَقَبِلَا ذَلِكَ مِنْهُ، فَاعْتَرَفَ بِهِ ثُمَّ تَجَاحَدَا، قَالَ: لَا تُعَجِّلَا بِالشَّهَادَةِ حَتَّى يَكَادَا يَتَجَاحَدَا أَوْ يَكُونَ عِنْدَ آخَرَ ذَلِكَ، فَإِنْ اصْطَلَحَا وَإِلَّا شَهِدَا عَلَيْهِ.

فَرْعٌ: وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْهُ فِي الدَّاخِلِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ طَلَبَهُ أَحَدُهُمَا بِمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَأَبَى أَنْ يَشْهَدَ، قَالَ مَالِكٌ: مَا أَرَى بِمَا صَنَعَ بَأْسًا. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ: وَإِذَا أَدْخَلَا بَيْنَهُمَا رَجُلَيْنِ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدَا بَيْنَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ. .

فَرْعٌ: وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ رَجُلًا قَدْ شَرِبَ خَمْرًا لِيَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَطْلَقَهُ فَأَقَامَ زَمَانًا ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَرٌّ فَأَرَادَ رَفْعَهُ وَاسْتَشْهَدَ بِالْقَوْمِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَشْهَدُوا فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَهِدَ عَلَى آخَرَ فَيُخْرِجُوهُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ الْأَمِيرُ قَدْ عَلِمَ بِالْأَمْرِ فَلْيَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ، فَلْيَشْهَدُوا حَتَّى يَطْرَحُوا الشَّهَادَةَ إنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى حَالِهِ لَمْ تُعْرَفْ لَهُ تَوْبَةٌ.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلَيْنِ يُحْضِرَانِ الرَّجُلَ فِي الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا وَيَقُولَانِ لَهُ: لَا تَشْهَدْ عَلَيْنَا بِشَيْءٍ، فَإِنَّا نَتَقَارُّ بِأَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِنَا لَا نَدْرِي أَيَتِمُّ بَيْنَنَا ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَيَتَكَلَّمَانِ ثُمَّ يَفْتَرِقَانِ فَيَسْأَلُهُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُومَ بِمَا سَمِعَ مِنْهُمَا، لَا أَرَى أَنْ يُعَجِّلَ بِالشَّهَادَةِ وَلْيُكَلِّمْهُمَا فَإِنْ أَصَرَّا وَتَحَادَّا شَهِدَ بِمَا سَمِعَ مِنْهُمَا.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ فِي الرَّجُلَيْنِ يَتَنَاكَرَانِ حَقًّا بَيْنَهُمَا، فَيُجْلِسَانِ بَيْنَهُمَا رَجُلَيْنِ يَرُدَّانِ الظَّالِمَ مِنْهُمَا عَنْ ظُلْمِهِ وَالْمُفَاقِمَ عَنْ خَطَئِهِ، وَيُسَدِّدَانِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ لَا شَهَادَةَ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يُتَوَاصَفَانِ مِنْ أُمُورِهِمَا، فَيَتَوَاصَفَانِ ثُمَّ يَسْأَلُ أَحَدُهُمَا الشَّهِيدَيْنِ الشَّهَادَةَ بِمَا سَمِعَا وَحَضَرَا، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَرَيَا أَحَدَهُمَا قَدْ تَعَدَّى، وَأَصَرَّ وَاسْتَبَانَ لَهُمَا أَنَّهُ الظَّالِمُ وَأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا يَسَعُهُمَا إلَّا الشَّهَادَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>