مَعَهُ وَرَجَاءً فِي حُسْنِ صُحْبَتِهِ لَهَا، وَكَانَ التَّحَاكُمُ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ بَقِيٍّ فَشَاوَرَ فِي ذَلِكَ، فَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِيمَا ادَّعَتْهُ مِنْ ذَلِكَ وَتَحْلِفُ ثُمَّ تَأْخُذُ حَقَّهَا مِنْهُ حَالًّا، وَبِذَلِكَ أَفْتَى الشَّيْخُ فِيهَا قَبْلَ هَذَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا إذْ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ، أَنَّهُنَّ إنَّمَا يَفْعَلْنَ ذَلِكَ لِذَلِكَ فَهُوَ كَالْعُرْفِ الَّذِي يُصَدَّقُ فِيهِ مَنْ ادَّعَاهُ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ: مَنْ وَهَبَ لِصِلَةِ رَحِمٍ أَوْ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهَا، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ، فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إذَا لَمْ يُرْضَ مِنْهَا، فَحَكَمَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْحَالُ، فَكَذَلِكَ هَذِهِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى الْمَعْرُوفِ صَدَقَ وَلِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّاهِدِ بِدَعْوَاهَا وَالْمُتَعَارَفُ مِنْ أَحْوَالِ النِّسَاءِ فِيمَا يُوَسِّعْنَ بِهِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ، إنَّمَا يُرِدْنَ بِذَلِكَ مَوَدَّاتِ الْأَزْوَاجِ، وَاسْتِدَامَةَ عِصْمَتِهِنَّ مَعَهُمْ وَتُقِمْنَ مَسَرَّتَهُمْ، فَإِذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ اسْتَحَالَتْ نُفُوسُهُنَّ عَنْ ذَلِكَ إلَى ضِدِّهِ هَذَا الَّذِي لَا يُعْرَفُ غَيْرُهُ.
فَرْعٌ: وَمِنْ ذَلِكَ إذَا خَلَا بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةً اهْتِدَاءً وَادَّعَتْ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِلْعُرْفِ، وَالْعَادَةُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا خَلَا بِهَا الزَّوْجُ أَوَّلَ مَرَّةٍ لَا يَصْبِرُ عَنْ وَطْئِهَا، فَالْخَلْوَةُ شَاهِدَةٌ لَهَا بِدَعْوَاهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةً فِي الْبَابِ الْأَرْبَعِينَ.
فَرْعٌ: وَكَذَا إذَا وُجِدَتْ الْوَثِيقَةُ بِيَدِ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّهُ دَفَعَ مَا فِيهَا وَقَبَضَهَا مِنْ الْمُدَّعِي، فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنَّ الْوَثِيقَةَ لَا تَرْجِعُ إلَى الْمَطْلُوبِ إلَّا بَعْدَ دَفْعِ مَا فِيهَا.
فَرْعٌ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ عِنْدَ النَّاسِ فِي الرِّبَاعِ، أَنَّ وَكِيلَ الْبَيْعِ لَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ الَّذِي بَاعَ وَإِنَّمَا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ بَيْنَهُمْ، يُرِيدُ أَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى بَيْعِ السِّلْعَةِ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَيَبْرَأَ الْمُشْتَرِي بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ جَرَتْ بِذَلِكَ بِخِلَافِ بَيْعِ الْعَقَارِ وَالرِّبَاعِ، قَالَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ فِي الْفُرُوقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute