للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّابِعُ: يَجُوزُ لَهُ مَعَ قُوَّةِ التُّهْمَةِ ضَرْبُ الْمَتْهُومِ ضَرْبَ تَقْرِيرٍ لَا ضَرْبَ حَدٍّ لِيَصْدُقَ، فَإِذَا أَقَرَّ وَهُوَ مَضْرُوبٌ اُعْتُبِرَتْ حَالُهُ، فَإِنْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ لَمْ يُعْتَبَرْ إقْرَارُهُ تَحْتَ الضَّرْبِ، أَوْ لِيَصْدُقَ عَنْ حَالِهِ قَطَعَ ضَرْبَهُ وَاسْتَعَادَ إقْرَارَهُ، فَإِنْ أَقَرَّ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ أَخَذَهُ بِالثَّانِي، وَيَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ مَعَ كَرَاهَةٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْقُضَاةِ.

الْخَامِسُ: أَنَّ لَهُ فِيمَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الْجَرَائِمُ وَلَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحُدُودِ، اسْتِدَامَةَ حَبْسِهِ إذَا أَضَرَّ النَّاسَ بِجَرِيمَةٍ حَتَّى يَمُوتَ، وَيَقُوتُهُ وَيَكْسُوهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ.

السَّادِسُ: أَنَّ لَهُ إحْلَافَ الْمَتْهُومِ لِاخْتِبَارِ حَالِهِ، وَيُغْلِظُ عَلَيْهِ الْكَشْفَ وَيُحَلِّفُهُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالصَّدَقَةِ كَأَيْمَانِ بَيْعَةِ السُّلْطَانِ، وَلَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي أَحَدًا فِي غَيْرِ حَقٍّ، وَلَا يُحَلِّفُ إلَّا بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى.

السَّابِعُ: أَنَّ لَهُ أَخْذَ الْمُجْرِمِ بِالتَّوْبَةِ قَهْرًا، وَيُظْهِرَ لَهُ مِنْ الْوَعِيدِ مَا يَقُودُهُ إلَيْهَا طَوْعًا، وَيَتَوَعَّدُهُ بِالْقَتْلِ لِأَنَّهُ إرْهَابٌ لَا تَحْقِيقٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعِدَهُ بِالْأَدَبِ دُونَ الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ.

الثَّامِنُ: أَنَّ لَهُ سَمَاعَ شَهَادَاتِ أَهْلِ الْمِهَنِ إذَا كَثُرَ عَدَدُهُمْ مِمَّنْ لَا يَسْمَعُهُمْ الْقَاضِي.

التَّاسِعُ: أَنَّ لَهُ النَّظَرَ فِي الْمُوَاثَبَاتِ وَإِنْ لَمْ تُوجِبْ غُرْمًا وَلَا حَدًّا، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَثَرٌ سَمِعَ قَوْلَ السَّابِقِ بِالدَّعْوَى، وَإِنْ كَانَ بِأَحَدِهِمَا أَثَرٌ فَقِيلَ يَبْدَأُ سَمَاعَ دَعْوَى ذِي الْأَثَرِ، وَقَالَ الْأَكْثَرُ يَبْدَأُ بِسَمَاعِ السَّابِقِ وَالْمُبْتَدِئُ بِالْمُوَاثَبَةِ أَعْظَمُ جُرْمًا وَتَأْدِيبًا، وَيَخْتَلِفُ تَأْدِيبُهُمَا بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْجُرْمِ وَبِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْهَيْبَةِ وَالتَّصَاوُنِ، وَإِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي قَمْعِ السَّفَلَةِ، بِإِشْهَارِهِمْ بِجَرَائِمِهِمْ فَعَلَ، فَهَذِهِ الْوُجُوهُ التِّسْعَةُ مُجَرَّدُ الِاتِّهَامِ بِالْجَرَائِمِ، وَيَظْهَرُ بِهَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ. انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْقُضَاةِ تَعَاطِيَ كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ، أَمَّا كَوْنُهُ يَسْمَعُ قَذْفَ الْمَتْهُومِ مِنْ أَعْوَانِ الْأَمَارَةِ، فَقَدْ اسْتَحَبُّوا لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ كَاشِفًا قَدْ ارْتَضَاهُ يَكْشِفُ لَهُ عَنْ أَحْوَالِ الشُّهُودِ فِي السِّرِّ، وَيَقْبَلَ مِنْهُ مَا نَقَلَ إلَيْهِ، وَقَالُوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>