وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَحَدَّثَنِي صَعْصَعَةُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضَرَبَ رَجُلًا دُونَ الْمِائَةَ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ بَعْدَ الْعَتَمَةِ، فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَقَالَ مَكْحُولٌ ضَرَبَهُ مِائَةً.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَأَخْبَرَنِي مُطَرِّفٌ أَنَّهُ سَمِعَ مَالِكًا يَقُولُ: مَنْ وُجِدَ بِهِ رَائِحَةُ نَبِيذٍ لَا يَدْرِي أَمُسْكِرٌ أَوْ غَيْرُهُ، أَوْ وُجِدَ عَلَى مُشْتَرِيه وَلَمْ يُسْكِرْ وَلَمْ يَدْرِ مَا كَانَ نَبِيذُهُمْ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ اللَّطْخِ الْبَيِّنِ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُعْتَادًا لِذَلِكَ ضُرِبَ سَبْعِينَ أَوْ خَمْسًا وَسَبْعِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا فَخَمْسِينَ سَوَاءٌ كَانَ عَبْدًا أَوْ حُرًّا، إلَّا أَنَّ الْحُدُودَ إذَا وَقَعَتْ اُنْتُهِيَ فِيهَا إلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَإِذَا لَمْ تَقَعْ الْحُدُودُ بِأَعْيَانِهَا وَجَاءَتْ التُّهَمُ لَزِمَ الْإِمَامَ أَنْ يُبَالِغَ فِي الْعُقُوبَةِ، وَلَوْ كَانَ الْأَدَبُ فِي مِثْلِ هَذَا إنَّمَا يُؤْخَذُ عَلَى قَدْرِ الْحُدُودِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ ظَهَرَ حَتَّى يَسْتَخِفَّ بِهِ أَهْلُ الْفِسْقِ، قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الَّذِي رَأَيْت النَّاسَ يَعْمَلُونَ بِهِ.
فَرْعٌ: قَالَ مُطَرِّفٌ: وَمِنْ ذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ يُوجَدُ يَزْنِي بِالْمُسْلِمَةِ فَلَا يُقْتَصَرُ بِهِ عَلَى ضَرْبِ مِائَةٍ، قَالَ بَلْ يُضَاعَفُ لَهُ الْعَذَابُ.
فَرْعٌ: وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُوجَدَ الرَّجُلُ سَكْرَانًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَهَارًا، يُضْرَبُ الْحَدَّ ثُمَّ يُضْرَبُ عُقُوبَةَ الْخَمْسِينَ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ أُتِيَ عَلِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالنَّجَاشِيِّ الشَّاعِرِ وَقَدْ شَرِبَ فِي رَمَضَانَ، فَضَرَبَهُ الْحَدَّ ثُمَّ ضَرَبَهُ عِشْرِينَ أَوْ بِضْعَ عَشْرَةَ.
وَقَالَ: هَذَا لِاجْتِرَائِك عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ ضَرَبَهُ الْحَدَّ ثُمَّ سَجَنَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ الْغَدِ فَضَرَبَهُ عِشْرِينَ، وَقَالَ هَذِهِ الْعِشْرُونَ لِجَرَاءَتِك عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَفِطْرِك فِي رَمَضَانَ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مُطَرِّفٌ: وَلَقَدْ أُتِيَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ قَاضِي الْمَدِينَةِ بِرَجُلٍ خَبِيثٍ مَعْرُوفٍ بِاتِّبَاعِ الصِّبْيَانِ، قَدْ لَصَقَ بِغُلَامٍ فِي ازْدِحَامِ النَّاسِ حَتَّى أَفْضَى، فَبَعَثَ بِهِ هِشَامٌ إلَى مَالِكٍ وَقَالَ: أَتَرَى أَنْ أَقْتُلَهُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الْقَتْلُ فَلَا، وَلَكِنَّنِي أَرَى أَنْ تُعَاقِبَهُ عُقُوبَةً مُوجِعَةً، فَأَمَرَ بِهِ هِشَامٌ فَجُلِدَ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ وَأَلْقَاهُ فِي السِّجْنِ، فَمَا لَبِثَ أَنْ مَاتَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَمَالِكٍ فَمَا اسْتَنْكَرَهُ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ مُطَرِّفٌ: وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى إذَا أَخَذَ السَّكْرَانُ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْجَمَاعَاتِ، قَدْ سَكِرَ وَتَسَلَّطَ بِسُكْرِهِ وَآذَى النَّاسَ أَوْ رَوَّعَهُمْ بِسَيْفٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute