للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهَرَهُ أَوْ حِجَارَةٍ رَمَاهَا وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَحَدًا، أَنْ تُعَظَّمَ عُقُوبَتُهُ يُضْرَبُ حَدَّ السُّكْرِ ثُمَّ يُضْرَبُ الْخَمْسِينَ وَأَكْثَرَ مِنْهَا عَلَى قَدْرِ جُرْمِهِ، قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ: وَقَدْ حَكَى عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ فِي وَاضِحَتِهِ أَنَّهُ يُضْرَبُ الْخَمْسِينَ وَالْمِائَةَ وَالْمِائَتَيْنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَيَكُونُ الْحَدُّ مِنْهُمَا وَفِيهِمَا، قَالَ فَضْلٌ: وَحَكَى أَبُو زَيْدِ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَصْبَغَ مِثْلَهُ، إذَا كَانَ مِثْلُهُ يَحْمِلُ ذَلِكَ فِي فَوْرِهِ، وَزَادَ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّهُ إذَا فَعَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَدَبُهُ أَشَدُّ مِنْ الَّذِي لَمْ يَفْعَلْهُ إلَّا مَرَّةً.

فَرْعٌ: وَذُكِرَ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَقُولُ: فِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ عُرِفُوا بِالْفَسَادِ وَالْجَرَائِمِ أَنَّ الضَّرْبَ عَلَى مَا يُنَكِّلُهُمْ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ يَحْبِسَهُمْ السُّلْطَانُ فِي السُّجُونِ وَيُثْقِلَهُمْ بِالْحَدِيدِ وَلَا يَخْرُجُهُمْ مِنْهُ أَبَدًا، فَذَلِكَ خَيْرٌ لَهُمْ وَلِأَهْلِيهِمْ وَلِلْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَةُ أَحَدِهِمْ وَتَثْبُتُ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَيُطْلِقَهُ.

فَرْعٌ: قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ أَصْبَغَ: أَرَى أَنَّ أَقْصَى الْأَدَبِ الْمِائَتَانِ فِي الْفَسَادِ الْبَيِّنِ الْمَارِقِ الْمَعْلُومِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ مُطَرِّفٌ: وَكَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرَى فِيمَنْ أَسَرَ الْجَارِيَةَ أَوْ الْغُلَامَ مِنْ الدَّارِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ حَتَّى يَغِيبَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ، فَلَا يُدْرَى مَا فَعَلَ أَنْ يُضْرَبَ الثَّلَاثَمِائَةِ وَالْأَرْبَعمِائَةِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا، وَكَانَ الْحُكَّامُ يَحْكُمُونَ بِذَلِكَ عِنْدَنَا بِمَشُورَةِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ مُطَرِّفٌ: وَمِنْ أَمْرِ النَّاسِ عِنْدَنَا الشُّهْرَةُ لِأَهْلِ الْفِسْقِ رِجَالًا كَانُوا أَوْ نِسَاءً، وَالْإِعْلَانُ بِجَلْدِهِمْ فِي الْحُدُودِ، وَمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَكَشْفِ وَجْهِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ ذَلِكَ وَنَزْعِ مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي تَلْبَسُهَا لِتَتَّقِيَ الضَّرْبَ، إلَّا أَنَّهُ يُتْرَكُ عَلَيْهَا مَا يُوَارِيهَا وَلَا يَصِفُهَا وَلَا يَحْجُبُهَا مِنْ الضَّرْبِ، وَتُشَدُّ فِي مِكْتَلٍ إذَا ضُرِبَتْ لِئَلَّا تَبْدُوَ عَوْرَتُهَا، وَكَذَلِكَ يُشَهَّرُ الرَّجُلُ بِلَا مُثْلَةٍ وَلَا حَدَثٍ مَشْهُورٍ.

مَسْأَلَةٌ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْبُحْتُرِيُّ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ إذَا أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ أَخَذَ مَعَهُ الْجَرَّةَ مِنْ الْمُسْكِرِ، أَمَرَ بِهِ فَصُبَّ عَلَى رَأْسِهِ عِنْدَ بَابِهِ كَيْمَا يُعْرَفَ بِذَلِكَ وَيُشْهَرَ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>