للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا وُجِدَ مِنْ رَجُلٍ رَائِحَةٌ وَأَشْكَلَ أَنْ تَكُونَ رَائِحَةَ مُسْكِرٍ أَوْ غَيْرَ مُسْكِرٍ، نَظَرَ الْإِمَامُ فِي حَالِ الرَّجُلِ، فَإِنْ كَانَ لَا بَأْسَ بِحَالِهِ خَلَّى عَنْهُ، فَقَدْ يَجُوزُ لِلصَّالِحِ شُرْبُ حُلْوِ النَّبِيذِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ وَرُبَّمَا وُجِدَتْ لَهُ رَائِحَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَسْفَاهِ وَالظُّنُونِ فَلْيَطْلُبْ اخْتِبَارَ صِحَّتِهِ، بِأَنْ يَسْتَقْرِئَهُ مَا لَا يُخْطِئُ مِثْلُهُ أَنْ يَكُونَ قَارِئًا مِمَّا يُصَلَّى بِهِ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِذَا اعْتَدَلَتْ قِرَاءَتُهُ خَلَّى عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَقْرَؤُهُ وَالْتَأَتَ فِي قِرَاءَتِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا وَصَارَتْ حَالُهُ فِي ذَلِكَ شَاهِدَةً عَلَيْهِ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ، إلَّا أَنَّ التُّهْمَةَ قَائِمَةٌ عَلَيْهِ، ضَرَبَهُ ضَرْبًا دُونَ الْحَدِّ عُقُوبَةً لَهُ بِالتُّهْمَةِ، فِي وُقُوعِ الظِّنَّةِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهَا فِي حَالِهِ أَيْضًا.

وَهَكَذَا سَمِعْت ابْنَ الْمَاجِشُونِ وَغَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحْسِنُونَ هَذَا عِنْدَ الْإِشْكَالِ مِنْ أَمْرِ الشَّارِبِ، وَأَمَّا إذَا خَفَتَ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا وَشَهِدَ عَلَى الرَّائِحَةِ أَنَّهَا رَائِحَةُ مُسْكِرٍ، فَإِنَّ الْحَدَّ يُقَامُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَلَمْ يَخْتَلِطْ عَقْلُهُ وَلَا يَسْتَقِرُّ أَوْ لَا يُسْتَبْرَأُ بِشَيْءٍ.

وَفِي الْبَيَانِ وَسَأَلْتُهُ عَنْ الِاسْتِنْكَاهِ الْعَمَلِ بِهِ هَلْ قَالَ: نَعَمْ؟ وَذَلِكَ رَأْسُ الْفِقْهِ، قَالَ أَصْبَغُ وَهُوَ رَأْيٌ فِيمَنْ اسْتَنْكَرَ سُكْرَهُ وَاسْتَنْكَرَ اخْتِلَاطَهُ، وَقَدْ حَضَرْت الْعُمَرِيَّ الْقَاضِيَ أَمَرَ بِالِاسْتِنْكَاهِ فِي مَجْلِسِهِ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فِيهِمْ ابْنُ وَهْبٍ فَخَتَلَهُ الْمُسْتَنْكِهُ بِالْكَلَامِ وَالسُّؤَالِ وَالْمُرَاجَعَةِ وَالْمُفَارَهَةِ، ثُمَّ أَدْخَلَ شِقَّ أَنْفِهِ فِي شَدْقِهِ وَشَمَّهُ ثُمَّ قَطَعَ عَلَيْهِ أَنَّهَا خَمْرٌ، قَالَ أَصْبَغُ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ اثْنَيْنِ كَالشَّهَادَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدٌ أَمْضَى عَلَيْهِ الْحَدَّ، إذَا كَانَ الْإِمَامُ هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ بِاسْتِنْكَاهِهِ حِينَ اسْتَرَابَهُ، وَوَكَّلَهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا هُوَ شَاهِدٌ يُؤَدِّي عِلْمُهُ بِالِاسْتِنْكَاهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ مُطَرِّفٌ: وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُوجَدُ مَعَ الْقَوْمِ عِنْدَ الشَّرَابِ وَلَمْ يَشْرَبْ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ رَائِحَةٌ وَلَعَلَّهُ يَقُولُ: إنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ مَالِكٌ: مَا لِلصَّائِمِ يَدْخُلُ فِي مِثْلِ هَذَا فَأَرَى أَنْ يُعَاقَبَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ: قَالَ أَبُو زَيْدٍ قَالَ مُطَرِّفٌ: كَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْمُرُ السُّلْطَانُ إذَا أُتِيَ بِالرَّجُلِ وَبِهِ الرَّائِحَةُ مِنْ الشَّرَابِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَكْرَانُ وَكَانَ قَدْ حُدَّ فِي ذَلِكَ، أَنْ يُضْرَبَ أَدَبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>