للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ جَاهِلًا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَفِيهِ الْعُقُوبَةُ الْمُوجِعَةُ، وَالْعَالِمُ بِالتَّحَرُّمِ أَشَدُّ عُقُوبَةً مِنْ الْجَاهِلِ وَأَعْظَمُ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا تَكَرَّرَتْ شَكْوَى الْمَرْأَةِ وَذَكَرَتْ إضْرَارَ زَوْجِهَا بِهَا، وَرَفَعَتْ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ وَعَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِ مَا تَدَّعِيه، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُ زَوْجَهَا بِإِسْكَانِهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ، وَيُكَلِّفُهُمْ تَفَقُّدَ خَبَرِهَا وَاسْتِعْلَامَ ضَرَرِهَا فَإِنْ كَانَتْ سَاكِنَةً مَعَهُ فِي مِثْلِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَمْ يَلْزَمْهُ نَقْلُهَا إلَى غَيْرِهِمْ، يَعْنِي وَكَلَّفَهُمْ تَفَقُّدَ حَالِهَا، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُمْ أَنَّهُ الظَّالِمُ، رَفَعُوا ذَلِكَ إلَيْهِ فَزَجَرَهُ الْحَاكِمُ وَأَدَّبَهُ وَسَجَنَهُ وَعَاقَبَهُ بِمَا يَرَاهُ، فَإِنْ عَمِيَ عَلَى الْحَاكِمِ خَبَرُهُمَا وَطَالَ تَكَرُّرُهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الظَّالِمَ مِنْهُمَا، لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَمْرِهِمَا بِغَيْرِ الْحَكَمَيْنِ، وَمَسْأَلَةُ الْحَكَمَيْنِ مَشْهُورَةٌ.

مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ بَاعَ زَوْجَتَهُ، فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ: يُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بِوَاحِدَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا وَلَا يَتَزَوَّجَهَا وَلَا غَيْرَهَا حَتَّى تُعْرَفَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ، مَخَافَةَ إنْ رَاجَعَهَا أَوْ تَزَوَّجَ غَيْرَهَا أَنْ يَبِيعَهَا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهَا هَازِلًا أَوْ جَادًّا وَحُكْمُ حَدِّهَا إنْ أَقَرَّتْ بِوَطْءِ الْمُشْتَرِي لَهَا أَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا مُكْرَهَةٌ، لَيْسَ هَذَا مَحِلُّهُ.

مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ نَكَحَ امْرَأَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ لَمْ يُحَدَّ، عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْكِحُ امْرَأَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا حُدَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ يُحَدَّ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ فِيهِ أَنْ يُحَدَّ وَلَا يُعْذَرُ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عِذْيَوْطًا وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْحَدَثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، فَإِنَّ لِلْآخِرِ أَنْ يَرُدَّهُ بِهَذَا الْعَيْبِ، فَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ وَنَفَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ: يُطْعَمُ أَحَدُهُمَا تِينًا وَالْآخَرُ فَقُّوسًا، فَيَعْلَمُ بِذَلِكَ مَنْ هُوَ صَاحِبُ الْعَيْبِ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا فَعَلَ الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ لَهَا مِنْهُ وَكَانَ شِرِّيرًا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ إذَا اقْتَضَتْ مِنْهُ، فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ.

مَسْأَلَةٌ: وَيَجِبُ عَلَى زَوْجَةِ الْمَظَاهِرِ أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَإِنْ خَشِيَتْ مِنْهُ رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ فَيَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَيُؤَدِّبُهُ إنْ رَأَى ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>