تَنْبِيهٌ: فِي الْمُقْنِعِ لِابْنِ بَطَّالٍ: وَلَا يَسْأَلُهُمْ الْحَاكِمُ عَمَّا أَكَلُوا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَهَلْ كَانَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَلَا عَنْ لِبَاسِهِ؟ وَلَا يُسْأَلُونَ هَلْ زَنَى بِامْرَأَةٍ؟ إذْ لَا يَجْهَلُ أَحَدٌ أَنَّ الزِّنَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمَرْأَةِ، وَأَنْ يُسْأَلُوا هَلْ رَأَيْتُمُوهُ يُدْخِلُ الْفَرْجَ فِي الْفَرْجِ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ؟ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يَسْأَلُ عَنْهُ عَدْلٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَهَذَا مِنْ الزِّيَادَةِ فِي تَفْنِينِهِمْ.
فَرْعٌ: وَتَعَمُّدُ الشُّهُودِ النَّظَرَ إلَى فَرْجِهَا لَيْسَ بِجُرْحَةٍ تُسْقِطُ الشَّهَادَةَ إذْ لَا تُمْكِنُ الشَّهَادَةُ إلَّا هَكَذَا، قَالَ اللَّخْمِيُّ وَتَعَمُّدُ النَّظَرِ حَسَنٌ فِيمَنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفَسَادِ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَا يَكْشِفُوا عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَطْلُبُوا تَحْقِيقَ الشَّهَادَةِ لِمَا نُدِبُوا إلَيْهِ مِنْ السِّتْرِ، فَيَنْبَغِي التَّجَاوُزُ عَنْهُمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّهُمْ يُحَقِّقُونَ الشَّهَادَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَقْذِفَهُ شَخْصٌ، فَيَقُودُونَ بِالشَّهَادَةِ لِدَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُمْ، وَالسِّتْرُ أَوْلَى لِأَنَّ مُرَاعَاةَ قَذْفِهِ مِنْ النَّارِ الْوُقُوعُ.
فَرْعٌ: وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ: وَإِذَا سَأَلَ الْحَاكِمُ الشُّهُودَ عَنْ صِفَةِ الزِّنَا فَأَبَوْا وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِالزِّنَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ وَلْيُحَدُّوا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُحَدُّونَ إلَّا بَعْدَ كَشْفِ الشَّهَادَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُحَدُّ الشُّهُودُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ كَشْفِ شَهَادَتِهِمْ حَتَّى يَدُلَّ تَفْسِيرُهُمْ أَنَّهُ الزِّنَا وَيَقُولُونَ مِثْلَ الْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، فَإِنْ اسْتَرَابَ مِنْ غَيْرِ الْعَدْلِ سَأَلَهُ عَنْ غَيْرِ هَذَا مِمَّا يَرْجُو فِيهِ بَيَانًا مِنْ اخْتِلَافِ شَهَادَتِهِ.
فَرْعٌ: وَقِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَتَرَى لِلْقَاضِي أَنْ يُمْسِكَ الْكِتَابَ الَّذِي فِيهِ شَهَادَاتُ الشُّهُودِ وَيَقُولُ لَهُمْ: أَخْبِرُونِي بِشَهَادَتِكُمْ قَالَ: لَا وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْرِفُ شَهَادَتَهُ حَتَّى يَقْرَأَهَا وَيَذْكُرَهَا فَإِذَا عَرَفَ شَهِدَ وَلَوْ قَرَأَهَا، قِيلَ لَهُ: اسْتَظْهِرْهَا مَا قَدَرَ وَمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: شَهَادَاتُ الِاسْتِرْعَاءِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ يَسْتَحْضِرُونَهَا إذَا كَانَتْ الْوَثِيقَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الشُّهُودِ لِذَلِكَ، وَذَلِكَ فِي عُقُودِ الِاسْتِرْعَاءِ الَّتِي يَكْتُبُ فِيهَا يَشْهَدُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الشُّهُودِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ رِيبَةً تُوجِبُ التَّثْبِيتَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: مَا تَشْهَدُونَ بِهِ، فَإِنْ ذَكَرُوا شَهَادَتَهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ عَلَى مَا فِي الْوَثِيقَةِ جَازَتْ وَإِلَّا رَدَّهَا، وَلَيْسَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا وَلَا بِكُلِّ الشُّهُودِ، وَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute