يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلهُ مَعَ مَنْ تُخْشَى عَلَيْهِ الْخَدِيعَةُ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ زَرْبٍ وَرُبَّمَا فَعَلْته.
فَرْعٌ: وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَثِيقَةُ مُنْعَقِدَةٌ مِنْ إشْهَادِ الشُّهُودِ كَالصَّدَقَةِ وَالِابْتِيَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُؤْخَذَ الشُّهُودُ بِحِفْظِ مَا فِي الْوَثِيقَةِ وَحَسْبُهُمْ أَنْ يَقُولُوا: إنَّ شَهَادَتَهُمْ فِيهَا حَقٌّ وَأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مَنْ أَشْهَدَهُمْ، وَلَا يَمْسِكُ الْقَاضِي الْكِتَابَ وَيَسْأَلُهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِمْ مِنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الطُّرَرَ: إذَا وَقَعَ الْوَثِيقَةَ بَشْرٌ أَوْ ضَرْبٌ أَوْ مَحْوٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْعَدَدِ، مِثْلَ: عَدَدِ الدَّنَانِيرِ أَوْ أَجَلِهَا أَوْ تَارِيخِ الْوَثِيقَةِ لَمْ يَضُرَّ الْوَثِيقَةَ وَلَا يُوهِنُهَا، وَإِنْ لَمْ يُعْتَذَرْ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ سُئِلَتْ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ حَفِظَتْ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَوْا الْوَثِيقَةَ مَضَتْ، وَسَأَلُوا عَنْ الْبَشْرِ إذَا كَانَ فِيهَا فَإِنْ حَفِظُوهُ مَضَتْ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يُحَفِّظُوهُ سَقَطَتْ الْوَثِيقَةُ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَنَّهُ كُفْءٌ لِيَتِيمَةٍ أَرَادَ نِكَاحَهَا، لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ مِنْ أَيْنَ عَلِمُوا ذَلِكَ، وَوَجَبَ نِكَاحُهَا مِنْهُ مِنْ ابْنِ سَهْلٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ الشُّهُودَ إلَّا عَنْ تُهْمَةٍ، وَيَفْعَلُهُ فِي رِفْقٍ كَشْفًا رَفِيقًا عَنْ كُلِّ مَا يُرِيدُ حَتَّى تَصِحَّ لَهُ بَرَاءَتُهُمَا مِنْ التُّهْمَةِ، أَوْ تَحَقُّقِ الرِّيبَةِ عَلَيْهِمَا فَيُبْطِلُ شَهَادَتَهُمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ الشُّهُودِ لَا يُسْأَلُونَ وَلَا يُفَرَّقُونَ إنْ كَانُوا عُدُولًا، إلَّا الشُّهُودُ عَلَى الزِّنَا فَإِنَّهُمْ يُفَرَّقُونَ وَيُسْأَلُونَ.
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الشُّهُودِ فِي حَدٍّ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُسْتَرَابَ مِنْ شَهَادَتِهِمْ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمْ. وَفِي تَنْبِيهِ الْحُكَّامِ: أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا اسْتَرَابَ مِنْ الشُّهُودِ كَشَفَ عَنْ حَقِيقَةِ مَا اتَّهَمَهُمْ بِهِ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ حَقِيقَةُ مَا تَوَهُّم عَمِلَ عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُ بِمَا يَقْتَضِيه مُوجِبُ الشَّرْعِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرَ لَهُ شَيْءٌ وَعَظَهُمْ وَخَوَّفَهُمْ بِاَللَّهِ وَذَكَّرَهُمْ إنْ رَأَى لِذَلِكَ مَحِلًّا.
مَسْأَلَةٌ: إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ فُلَانًا افْتَرَى عَلَى فُلَانٍ أَوْ شَتَمَهُ أَوْ آذَاهُ أَوْ سَفِهَهُ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَتَّى يَكْشِفُوا عَنْ حَقِيقَتِهِ، إذْ قَدْ يَظُنُّونَ مَا قَالُوا وَهُوَ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنُّوا قَالَ أَصْبَغُ: إلَّا أَنْ تَفُوتَ الْبَيِّنَةُ، وَلَا يُقْدَرُ عَلَى إعَادَتِهِمْ فَلْيُعَاقَبْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى أَخَفِّ مَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute