للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ كَسْرُ سِنٍّ أَوْ شَجَّةٍ لَهَا عَقْلٌ، أَنَّهُ لِعَقْلِ ذَلِكَ ضَامِنٌ، إلَّا أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي ذَلِكَ إنْ تَعَمَّدَ ضَرْبَهَا مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ فَقْءَ عَيْنِهَا فَكَذَلِكَ مُعَلِّمُ الصِّبْيَانِ يَضْرِبُ أَحَدَهُمْ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ، فَيُصِيبُهُ بِعُودِ الذُّرَةِ أَوْ بِطَرَفِ شِرَاكِهَا فَيُصِيبُ عَيْنَهُ فَيَفْقَؤُهَا، أَنَّهُ لِعَقْلِ ذَلِكَ ضَامِنٌ، وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ إنْ تَعَمَّدَ ضَرْبَهُ الَّذِي جَازَ لَهُ مِنْ تَأْدِيبِهِ مِنْ الْمُقَرَّبِ.

وَقَالَ الْمُشَاوِرُ إذَا أَدَّبَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ أَوْ الْمُعَلِّمُ صِبْيَانَهُ فِي ذَنْبٍ اسْتَحَقَّا بِهِ الْأَدَبَ، فَلَكَزَ أَوْ لَطَمَ فَمَاتَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ، وَإِنْ ضُرِبَا فَفَقَأَ عَيْنًا أَوْ كَسَرَ ضِرْسًا فَعَلَيْهِمَا الْعَقْلُ، لِأَنَّ فِعْلَهُمَا آلَ إلَى مَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمَا فِيهِ وَقَوْلُ الصَّالِحِ فِي الْأَدَبِ مَقْبُولٌ مِنْ الطُّرَرِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو زَيْدِ بْنُ إبْرَاهِيمَ: إنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ جَرَحَهُ أَوْ شَجَّهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ، سُجِنَ حَتَّى يَعْرِفَ مَا يَصِيرُ إلَيْهِ، فَإِنْ بَرِئَ وَعُفِيَ عَنْهُ فَلَا بُدَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ أَنَّهُ لَمْ يَجْرَحْهُ، فَإِنْ حَلَفَ خَلَّى سَبِيلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أَوْ أَقَرَّ أَدَّبَهُ فِيمَا اجْتَرَأَ عَلَيْهِ.

فَرْعٌ: وَإِنْ قَالَ الْمَجْرُوحُ: لَيْسَ هَذَا الَّذِي جَرَحَنِي أَوْ شُبِّهَ عَلَيَّ، فَلَيْسَ يَنْجُو مِنْ سِجْنِ السُّلْطَانِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ يُقِرَّ أَوْ يَأْبَى الْيَمِينَ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْأَدَبِ، أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُدْمِي فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ شَكَّ فِي أَحَدِهِمَا بَطَلَتْ التَّدْمِيَةُ.

فَرْعٌ: وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَلَا لَطْخَ بِمَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ، فَلَا بُدَّ مِنْ سِجْنِهِ حَتَّى يُعْرَفَ أَمْرُهُ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ تَجِبُ فِيهِ، حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ.

وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا سِجْنَ إلَّا بِشُبْهَةٍ أَوْ لَطْخٍ، وَلَيْسَ الْجُرْحُ كَالنَّفْسِ إذَا قَالَ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَذَلِكَ يُسْجَنُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْقَسَامَةَ بِمَوْتِهِ، وَالْأَوَّلُ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا بِشُبْهَةٍ أَوْ لَطْخٍ بَيِّنٍ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَلَقَدْ اسْتَطَالَ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَهْلُ الشَّرِّ وَالْبَطَالَةِ عَلَى أَهْلِ الْعَافِيَةِ وَالِانْقِبَاضِ وَالصِّيَانَةِ، وَجَعَلُوا التَّدْمِيَةَ جُنَّةً لَهُمْ وَرُبَّمَا بَطَلَتْ بِهِ الْحُقُوقُ، فَإِذَا طَلَبَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ بِدَيْنٍ أَوْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْحَقِّ، تَرَاقَدَ وَتَمَارَضَ وَقَالَ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، حَتَّى يَفْتَدِيَ الطَّالِبُ بِالدَّيْنِ مِنْهُ بِمَا لَهُ عِنْدَهُ، لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ وَهُوَ بِهَذِهِ الْحَالِ فِي تَلَفِ مُهْجَةِ آخَرَ.

وَلَوْ قَالَ أَرْوَعُ النَّاسِ فِي مَرَضِهِ وَخِلَالَ نَزْعِهِ: لِي عِنْدَ فُلَانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>