للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ هَزِيمَتَهُمْ وَخِيفَ كَرَّتُهُنَّ ذُفِّفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَإِنْ اسْتَحَقَّتْ الْهَزِيمَةَ فَجَرِيحُهُمْ أَسِيرٌ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ إلَى الْإِمَامِ.

وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَلَمْ يَرُدَّ سَحْنُونٌ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا أَخَذَ اللُّصُوصُ قَبْلَ التَّوْبَةِ لَزِمَهُمْ الْحَدُّ وَهُوَ: الْقَتْلُ وَالصَّلْبُ أَوْ قَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ أَوْ النَّفْيُ وَالْحَبْسُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: ٣٣] ، الْآيَةَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ مَالِكٍ: إنَّ ذَلِكَ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَهُوَ تَخْيِيرٌ مُتَعَلِّقٌ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَمَصْرُوفٌ إلَى نَظَرِهِ، وَمَشُورَةِ الْفُقَهَاءِ بِمَا يَرَاهُ لِلْمَصْلَحَةِ وَالذَّبِّ لِلْفَسَادِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى هَوَى الْإِمَامِ وَلَكِنْ عَلَى الِاجْتِهَادِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَ الْمُحَارَبَ وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ مَالًا مِنْ أَحَدٍ.

فَرْعٌ: قَالَ الْبَاجِيُّ: وَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ طَالَ أَمْرُهُ أَوْ أَخَافَ السَّبِيلَ أَوْ أَخَذَ بِحَضْرَةِ خُرُوجِهِ، فَإِنْ كَانَ طَالَ أَمْرُهُ، وَأَخَافَ السَّبِيلَ، وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ مَالًا، فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ مُخَيَّرٌ فِي قَتْلِهِ أَوْ صَلْبِهِ، أَوْ قَطْعِهِ مِنْ خِلَافٍ أَوْ ضَرْبِهِ أَوْ نَفْيِهِ، وَذَلِكَ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: هُوَ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ إذَا أَخَذَ حَضْرَةَ ذَلِكَ وَبَعْدَ طُولِ زَمَانِ.

قَالَ أَشْهَبُ فِي الَّذِي أَخَذَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ، هَذَا الَّذِي قَالَ فِيهِ مَالِكٌ: أَوْ أَخَذَ فِيهِ بِأَيْسَرَ ذَلِكَ، قَالَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُجْلَدَ وَيُنْفَى وَيُحْبَسَ حَيْثُ نُفِيَ إلَيْهِ، قَالَ أَشْهَبُ: فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَقْطَعَهُ مِنْ خِلَافٍ، فَذَلِكَ لَهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِيهِ.

قَالَ الْبَاجِيُّ: فَيَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ عَلَى التَّخْيِيرِ بِشَرْطِ الِاجْتِهَادِ.

فَرْعٌ: وَأَمَّا إنْ طَالَ أَمْرُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يُقْتَلْ بِحَدٍّ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: يُقْتَلُ وَلَا يَخْتَارُ الْإِمَامُ فِيهِ غَيْرَ الْقَتْلِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي قَتْلِهِ أَوْ صَلْبِهِ أَوْ قَطْعِهِ مِنْ خِلَافٍ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ: أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي أَيِّ الْخِصَالِ الْأَرْبَعِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا يُجْلَدُ بِالسِّيَاطِ قَبْلَ الْقَتْلِ، قَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ: وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ وَلَا رِجْلُهُ مَعَ الْقَتْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>