للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» ، وَإِذَا قُتِلَ دُونَ مَالِهِ وَمَالِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ أَعْظَمُ لِأَجْرِهِ مِنْ الْمُنْتَقَى.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا ظَفِرَ بِالْمُحَارَبِ فَلَا يَلِي قَتْلَهُ، وَيَرْفَعُهُ إلَى الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ لَا يُقِيمَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ فَلْيَلِ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ يَلِيهِ الْإِمَامُ.

مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ طَلَبَ اللِّصُّ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ مِنْ الْمَالِ كَالطَّعَامِ وَالثَّوْبِ وَمَا خَفَّ، فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: يُعْطَاهُ وَلَا يُقَاتَلُ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُعْطَى شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ وَلَا يُقَاتَلُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ لِطَمَعِهِمْ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا يُعْطَى اللُّصُوصُ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ، وَهَذَا فِي الْعُدَدِ الْمُنَاصِبُ لَهُمْ الرَّاجِي لِغَلَبَتِهِمْ، وَأَمَّا مَنْ يُوقِنُ أَنَّهُ لَا قِوَامَ لَهُ وَلَا عِدَّةَ وَلَا مُنَاصَبَةَ فَهُوَ كَالْأَسِيرِ، وَعَسَى أَنْ يُعْذَرَ فِيمَا يُعْطِيهِمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَمَّنَ الْمُحَارَبُ إذَا سَأَلَ الْإِمَامَ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُؤَمِّنَ الْمُحَارَبَ وَيُنْزِلَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَمَانَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي سُلْطَانِك وَعَلَى دِينِك، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ لِعِزَّتِهِ لَا لِدِينٍ وَلَا مِلَّةٍ، رَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ.

فَرْعٌ: وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُحَارَبُ بِنَفْسِهِ حَتَّى أُعْطِيَ الْأَمَانَ فَأَخَذَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: فَقِيلَ يَتِمُّ لَهُ ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيُؤْخَذُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.

وَقَالَهُ أَصْبَغُ سَوَاءٌ امْتَنَعَ فِي حِصْنٍ أَوْ مَرْكَبٍ أَوْ عَلَى فَرَسٍ، سَوَاءٌ أَمَّنَهُ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ، قَالَ: لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَزُولُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا فَرَّ اللُّصُوصُ فَقَدْ رَوَى أَصْبَغُ: إنْ كَانَ قَتَلَ أَحَدًا فَلْيُتْبَعْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَتَلَ أَحَدًا فَمَا أُحِبُّ أَنْ يُتْبَعْ بِقَتْلٍ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ: يُتْبَعُونَ وَإِنْ بَلَغُوا بِرَكَ الْغِمَادِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُتْبَعُ مُنْهَزِمٌ وَيَقْتُلُونَ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ وَمُنْهَزِمِينَ وَلَيْسَ هُرُوبُهُمْ تَوْبَةً وَإِنَّمَا التَّذْفِيفُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>