مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ أَقَامَ الْمُحْدِثُ لِلضَّرَرِ بَيِّنَةً تَشْهَدُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِضَرَرٍ، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى تِلْكَ الْبَيِّنَةِ، وَكَانَتْ شَهَادَةُ الَّذِينَ شَهِدُوا بِالضَّرَرِ أَحَقَّ وَأَوْلَى بِالْحُكْمِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْقَضَاءُ، وَقِيلَ: يَنْظُرُ إلَى أَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَيَقْضِي بِهَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْعِيَانِ، وَلَيْسَ تَنْفُذُ شَهَادَةٌ بِالضَّرَرِ فِيمَا لَمْ يَرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ ضَرَرًا.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا جُهِلَ الضَّرَرُ فَلَمْ يَعْلَمْ أَقَدِيمٌ هُوَ أَمْ حَادِثٌ؟ فَهُوَ عَلَى الْقِدَمِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُفِيدِ لَهُ: وَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ الضَّرَرُ هَلْ هُوَ قَدِيمٌ أَوْ مُحْدَثٌ؟ فَهُوَ عَلَى الْحُدُوثِ حَتَّى يَثْبُتَ الْقِدَمُ وَبِهِ الْعَمَلُ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: هُوَ عَلَى الْقِدَمِ حَتَّى يَثْبُتَ الْحُدُوثُ وَلَيْسَ بِهِ عَمَلٌ، انْتَهَى. وَذَكَرَ ابْنُ زِيَادٍ فِي أَحْكَامِهِ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ فِي وَثَائِقِهِ: أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مُحْدَثٌ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَبِهِ الْحُكْمُ.
مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ مِنْ اطِّلَاعٍ أَوْ فَتْحِ بَابٍ أَوْ كُوَّةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ نَصْبَةً يَطْلُعُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ مُنِعَ وَقِيلَ: لَا يُمْنَعُ وَيُقَالُ لِجَارِهِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك قَالَهُ أَشْهَبُ، وَالْمَنْعُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
فَرْعٌ: وَفِي الْمَذْهَبِ: ثُمَّ إذَا ثَبَتَ ضَرَرُ الِاطِّلَاعِ، فَقِيلَ: يُحْكَمُ بِسَدِّهَا، وَإِنْ كَانَ بَابًا فَإِنَّهُ يُغْلَقُ غَلْقًا حَصِينًا وَتُقْلَعُ مِنْهُ الْعَتَبَةُ؛ لِئَلَّا يَكُونَ حُجَّةً عِنْدَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يَلْزَمُهُ سَدُّهَا وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ أَمَامَ ذَلِكَ مَا يَسْتُرُهُ.
فَرْعٌ: وَإِذَا كَانَتْ الْكُوَّةُ قَدِيمَةً أَوْ الْبَابُ قَدِيمًا، فَلَيْسَ لَهُ قِيَامٌ فِي سَدِّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، فِي الطُّرَرِ: حَكَى ابْنُ يُونُسَ قَوْلًا عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ فِي الْكُوَّةِ الْقَدِيمَةِ أَنَّهَا تُسَدُّ، وَأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَحِلُّ الْكَشْفُ عَلَى أَحَدٍ، اُنْظُرْ فِي كِتَابِ حَرِيمِ الْبِئْرِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ سَدُّهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْكُوَّةِ قِيَامٌ عَلَيْهِ إنْ بَنَى دَارِهِ وَعَلَّاهَا فِي مُقَابِلِ تِلْكَ الْكُوَّةِ، حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute