للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّجُوعُ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ احْتِيَاطًا، وَلِأَنَّهُ الْمَدْلُولُ اللُّغَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ، وَهِيَ تَعُمُّ فِي سِيَاقِ النَّفْي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ: وَشَرْطُ اعْتِبَارِهِ أَيْ الْبِسَاطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْحَالِفُ هُوَ الْمُثِيرَ لَهُ كَمَا لَوْ أَثَارَ النِّزَاعَ فَحَلَفَ، ثُمَّ زَالَ النِّزَاعُ اهـ قَالَ بَعْضُهُمْ:

يَجْرِي الْبِسَاطُ فِي جَمِيعِ الْحَلِفِ ... وَهُوَ الْمُثِيرُ لِلْيَمِينِ فَاعْرِفْ

إنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى وَزَالَ السَّبَبْ ... وَلَمْ يَكُنْ لِحَالِفٍ يُنْتَسَبْ

وَفِي الطَّلَاقِ قَدْ نَفَعْ عَلَى الْأَصَحِّ ... إنْ شُرُوطًا قَدْ جَمَعْ

قَالَ: فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ، وَتَعْرِيفُ عَبْدِ الْبَاقِي، وَغَيْرِهِ الْبِسَاطَ بِالسَّبَبِ الْحَامِلِ عَلَى الْحَلِفِ تَعْرِيفٌ لَهُ بِالْغَالِبِ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي عِلْمِ الْمَعَانِيَ بِالْمَقَامِ، وَقَرِينَةِ السِّيَاقِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ سَبَبًا اهـ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ أَنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا الْمُقَرَّرِ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ قَامَتْ تُرِيدُ أَخْذَ صِدَاقَهَا مُحْتَجَّةً بِأَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ لِتَتَخَلَّصَ مِنْ مُضَارَرَتِهِ لَهَا الْحَاصِلَةِ بِالضَّرْبِ، وَالْهَجْرِ فَهَلْ لَهَا أَخْذُ صِدَاقِهَا مِنْهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِبَرَاءَتِهَا حَيْثُ كَانَتْ صَادِرَةً لِمَحْضِ التَّخَلُّصِ مِمَّا ذَكَرَ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَهَا أَخْذُ صَدَاقِهَا مِنْهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِبَرَاءَتِهَا إذَا شَهِدَ بِالضَّرَرِ عَدْلَانِ سَوَاءٌ شَهِدَا بِمُعَايَنَتِهِ أَوْ بِالسَّمَاعِ بِهِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْخَدَمِ فَقَطْ أَوْ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِمُعَايَنَتِهِ، وَحَلَفَتْ مَعَهُ، وَالطَّلَاقُ نَافِذٌ لَازِمٌ بَائِنًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَرَجَعَتْ إنْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِالضَّرَرِ، وَإِنْ سَمَاعًا، وَلَوْ فَشَا مِنْ غَيْرِ ثِقَاتٍ كَأَنْ حَلَفَتْ مَعَ شَاهِدٍ كَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الْمُعَايَنَةِ، وَلَا يَنْفِيَانِ سَمَاعًا عَلَى الْأَرْجَحِ اهـ قَالَ: الْخَرَشِيُّ، وَبَانَتْ مِنْهُ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: فَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّ الْخُلْعَ وَقَعَ عَنْ إضْرَارٍ بِهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ فِيمَا اخْتَلَعَتْ بِهِ، وَأَسْقَطَتْهُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ، وَإِنْ وَقَعَ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ دُونَ إكْرَاهٍ، وَلَا إضْرَارٍ، وَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ الْبَيِّنَةَ الْمُسْتَرْعِيَةَ، وَغَيْرَهَا فَلَا يَضُرُّهَا ذَلِكَ إذَا ثَبَتَ الضَّرَرُ فَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ، وَقَالَ الزَّوْجُ: كَانَ ذَلِكَ عَنْ اخْتِيَارِهَا، وَرِضَاهَا، وَلَمْ تَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ، وَذَهَبَتْ إلَى إحْلَافِهِ فَلَا يَكُونُ يَمِينٌ إلَّا بِشُبْهَةٍ كَالشَّاهِدِ الْعَدْلِ قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ، وَيَثْبُتُ الضَّرَرُ بِوَجْهَيْنِ بِالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ، وَبِالسَّمَاعِ الْمُسْتَفِيضِ ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَفِي الشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمَغْمَزِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُقْطَعْ بِهِ، وَقَالَ أَصْبَغُ، وَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ، وَقَطَعُوا بِهِ، وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ الْفَاشِي الْمُسْتَفِيضِ عَلَى أَلْسِنَةِ اللَّفِيفِ مِنْ النِّسَاءِ، وَالْخَدَمِ، وَالْجِيرَانِ.

ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ: فَإِذَا ثَبَتَ الضَّرَرُ حَلَفَتْ أَنَّ خُلْعَهَا لَمْ يَكُنْ إلَّا بِالْإِضْرَارِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الْيَمِينُ ذَكَرَهَا ابْنُ فَتْحُونٍ فِي كِتَابِهِ، وَهِيَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصَّ عَلَيْهَا ابْنُ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ وَابْنُ بَشِيرٍ فِي مَسَائِلِهِ، وَهُنَّ مِنْ قَوْلِ أَصْبَغَ فِي سَمَاعِهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ نَفْيِ الْيَمِينِ، وَعَدَمُ وُجُوبِهَا، وَإِنْ كَانَ الضَّرَرُ يَثْبُتُ بِالسَّمَاعِ، وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: لَا يَمِينَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهَا شَيْئًا يُرَى لَهُ وَجْهٌ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَدْ أَمْكَنَتْنِي مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>