للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ لَكِنْ فِيمَا إذَا تَسَاوَى الْقَائِلَانِ فِي نَفْسِهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَدْ نَزَلْت بِالسُّلْطَانِ أَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الْحَقِّ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ ابْنَ مَرْمُورٍ فَرَغِبَ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ فَتَرَكَ قَتْلَهُ فَأَرْسَلَ إلَى الْفَقِيهَيْنِ الْمُعَظَّمَيْنِ أَبِي الْفَضْلِ رَاشِدٍ الْوَلِيدِ وَابْنِ يُوسُفَ الْجُزُولِيِّ فَاقْتَضَى نَظَرُ الْفَقِيهِ رَاشِدٌ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى السُّلْطَانِ مَا فِي الْأَحْكَامِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ فَيَخْتَارُ مَا شَاءَ مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ.

وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَكْثَرِهِمْ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْحِكَايَةِ عَنْ السَّبْعَةِ.

خَامِسُهَا: أَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي الْأَوْثَقِ فَيَأْخُذُ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ الْأَوْرَعِ وَيَبْحَثُ عَنْ الْأَرْجَحِ مِنْ الْقَائِلِينَ فَيَعْمَلُ بِهِ فَإِنَّهُ حُكْمُ التَّعَارُضِ، وَقَدْ وَقَعَ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ اخْتِيَارُ السَّمْعَانِيِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ وَنَصَّ عَلَى مِثْلِهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْقِبْلَةِ وَعِنْدَ هَذَا إمَّا أَنْ يَظْهَرَ الرُّجْحَانُ مُطْلَقًا أَوْ لَا يَظْهَرَ مُطْلَقًا أَوْ يَظْهَرَ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَإِنْ ظَهَرَ مُطْلَقًا بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْقَائِلِينَ أَعْلَمَ وَأَدْيَنَ وَجَبَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الرُّجْحَانُ مُطْلَقًا فَهَذَا بَعْضٌ مِمَّا أَحَالَ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْأُصُولِيِّينَ وُجُودَهُ عُرْفًا فَإِنْ فُرِضَ وُقُوعُهُ خُيِّرَ الْمُسْتَفْتِي وَإِنْ ظَهَرَ الرُّجْحَانُ مِنْ وَجْهٍ فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الدِّينِ وَتَفَاوَتَا فِي الْعِلْمِ فَقَالَ قَوْمٌ يُخَيَّرُ وَالْحَقُّ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الْعِلْمِ وَتَفَاوَتُوا فِي الدِّينِ وَجَبَ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَدْيَنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ وَالْآخَرُ أَدْيَنَ قَالُوا يُرَجَّحُ قَوْلُ الْأَدْيَنِ وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَالْحَقُّ أَنَّ قَوْلَ الْأَعْلَمِ أَرْجَحُ لِأَنَّ الْعِلْمَ هُوَ الَّذِي يُطَّلَعُ بِهِ عَلَى دَلَائِلِ الْأَحْكَامِ دُونَ الدِّينِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ تَعَدُّدِ الْقَائِلِينَ وَأَمَّا مَعَ اتِّحَادِ الْقَائِلِ وَاخْتِلَافِ الْقَوْلِ فَالْعَمَلُ بِالْمَرْجُوعِ إلَيْهِ دُونَ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ إنْ عَلِمَ التَّارِيخَ لِأَنَّ الْمَرْجُوعَ إلَيْهِ نَاسِخٌ وَالْمَرْجُوعَ عَنْهُ مَنْسُوخٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ فِي الْفَرْضِ قَوْلًا يُفْتِي بِهِ أَوْ يَحْكُمُ خِلَافًا لِعِزِّ الدِّينِ وَظَاهِرُ الْأَجْوِبَةِ وَإِنْ جَهِلَ التَّارِيخَ تَسَاقَطَا وَعَلَى قَوْلِ عِزِّ الدِّينِ فَالتَّخْيِيرُ هُنَا أَحْرَى وَأَوْلَى وَهَذَا مَعَ عَدَمِ اطِّلَاعِ الْمُقَلِّدِ الصِّرْفِ عَلَى أَرْجَحِيَّةٍ مَنْصُوصَةٍ، وَأَمَّا مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهَا فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْوُقُوفُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ أَحْبَارُ الْأَئِمَّةِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي التَّرْجِيحِ وَتَبَايَنُوا فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّصْحِيحِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ الرُّجُوعُ إلَى صِفَاتِ الْمُرَجِّحِينَ فَيَقِفُ مَعَ تَشْهِيرِ الْأَعْلَمِ الْأَدْيَنِ إنْ كَانَ لِظُهُورِ الرُّجْحَانِ ثُمَّ كَذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ فِي التَّرْجِيحِ بِصِفَاتِ الْقَائِلِينَ وَالنَّاقِلِينَ وَيُعْلَمُ الْأَعْلَمُ وَالْأَدْيَنُ بِظُهُورِ آثَارِ الصَّلَاحِ وَإِقْبَالِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَضِدُّهُ بِآثَارِ الْفُجُورِ وَإِعْرَاضِ النَّاسِ عَنْهُ.

وَفِي إقْلِيدِ الْإِقْلِيدِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ عَنْ مَالِكٍ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَى ذَلِكَ اعْتَمَدَ شُيُوخُ الْأَنْدَلُسِ وَإِفْرِيقِيَّةَ إذَا تَرَجَّحَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ وَقَالَ الْأَبْيَانِيُّ لَيْسَ فِي أَصْحَابِ مَالِكٍ مَنْ عَرَفَ مَذْهَبَهُ مِثْلَ مَا عَرَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

وَفِي أَحْكَامِ الْقَاضِي بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>