الخطابُ في هذه الآية لبني إسرائيل الموجودين زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي نظيرُ الآياتِ السابقة، والمقصود: تذكيرُهم بما جرى لأسلافهم، فتقدير الكلام: واذكروا حين أخذنا ميثاقَكم؛ أي: العهدَ من آباءكم، ورفعنا فوقهم الطور، وقلنا لهم:{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ}؛ أي: اقبلوا ما جاءكم به نبيُّكم موسى عليه السلام من الكتاب؛ وهو التوراة، وما فيه من الموعظة وتفصيلِ الأحكام، وخذوه بقوة؛ أي: بجدٍّ وعزمٍ صادق، {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} بالعمل به وتبليغه للناس. {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣)}: أي لتتَّقوا بذلك سخطَ الله وعذابَه، فتكونوا من المتقين.
{وَ} اذكروا {إذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ} عهدكم بالعمل بما في التوراة {وَ} قد {رَفَعْنَا فَوْقكُمْ الطُّورَ} الجبل اقتلعناه من أصله عليكم لما أبيتم قبولها وقلنا {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} بجد واجتهاد {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} بالعمل به {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} النار أو المعاصي.
وقولُ المؤلِّف:(اذكروا): أي بني إسرائيل، وهم اليهودُ الذين حول المدينةِ؛ كما في الآيات السابقة واللاحقة.
وقولُه:(قد) في {رَفَعْنَا}: يقتضي أنه جعلَ الواو للحال، ويحتمل أنها عاطفةٌ على {أَخَذْنَا}. وقولُه:(الجبل … ) إلى آخره: يدُّل لِمَا ذكره قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ}[الأعراف: ١٧١].