للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)} [البقرة: ٥٩]:

يخبر تعالى في هذه الآية عن بني إسرائيل الذين قيل لهم: {ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ}، وقيل لهم: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا}، وقيل لهم: {وَقُولُوا حِطَّةٌ}، وقد ظلموا أنفسَهم بمعصية الله؛ بدّل هؤلاء الظالمون من بني إسرائيل القولَ الذي قيل لهم قولًا غيره؛ كما جاء في الحديث المتفق عليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قيل لبني إسرائيل: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: ٥٨]، فبدَّلوا، فدخلوا يزحفون على أَسْتاهِهم (١)، وقالوا: حبةٌ في شعرةٍ)) (٢).

ثم أخبر تعالى أنَّه عاقبهم فأنزلَ عليهم رجزًا من السماء؛ أي عذابًا، قيل: إنه الطاعون (٣).

وقوله: {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)}: أي بسبب فِسقهم؛ أي: خروجهم عن طاعة الله بما ارتكبوه من التبديل، وفي الآية الأخرى: {بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (١٦٢)} [الأعراف: ١٦٢].

{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} منهم {قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} فقالوا: حبةٌ في شعرةٍ، ودخلوا يزحفون على أستاههم {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} فيه وضع الظاهر موضع المضمر مُبالغةٌ فِي تقبيح شأنهم {رِجْزًا} عذابًا


(١) أَسْتاهِهم: جمع است؛ وهي الدُّبر. ينظر: «النهاية» (٢/ ٤٢٩)، «لسان العرب» (١٣/ ٤٩٥).
(٢) رواه البخاري (٣٤٠٣)، ومسلم (٣٠١٥)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) وهو قول ابن زيد وابن جبير، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الطاعون رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل كما في «صحيح مسلم» (٢٢١٨). قال الطبري في تفسير الآية: «وجائز أن يكون ذلك طاعونًا، وجائز أن يكون غيره». ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٧٣٠)، و (١/ ٧٣١).

<<  <   >  >>