إنَّ أعظمَ عِصيانِ بني إسرائيل في عهد موسى عليه السلام اتخاذهم العجلَ إلهًا من بعد ما ذهب موسى لميعاد ربه، ولذا يذكر اللهُ بني إسرائيل الموجودين حول المدينةِ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بما صنَعَهُ آباؤهم تحذيرًا لهم من أن يسلكوا طريقَهم في المعصية، وفي هذه الآية يُذكِّرُهم بدعوة موسى عليه السلام لقومه - الذين اتخذوا العجلَ - إلى التوبة، مُبيِّنًا لهم أنهم ظلموا أنفسَهم أعظمَ الظلم؛ وهو الشرك، ومُبيّنٌ لهم ما شرعَ لهم طريقًا لصدق التوبة، واعتبار القتل لأنفسهم طريقًا للتوبة هو من الآصار (١) التي حُمِّلتْ عليهم، وذلك في قول موسى:{فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ}. ثم أخبر تعالى بتوبته عليهم مخاطبًا بذلك بني إسرائيل الموجودين حين نزول القرآن؛ فقال تعالى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤)}، فهو على سننِ ما تقدَّم في الآيات من الخطابات:{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ}، {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ}، {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ}، {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ}.