للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣)} [البقرة: ٧٣]:

يخبرُ تعالى أنه أمرهم بعد ذبح البقرة أنْ يضربوا القتيلَ ببعض البقرة؛ أي: ببعضٍ منها، ولم يُعيَّن هذا البعضُ، فيجزئهم الضربُ بأيِّ عضوٍ من أعضائها، أو جزءٍ من أجزائها، ولا معنى للاختلاف في تعيين البعضِ الذي يضربونه به (١).

وقوله: {كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى}: يدلُّ على أنهم لَمَّا ضربوه ببعض البقرة حَيَا، وجاء في الروايات الإسرائيلية أنه تكلَّم، وسمَّى قاتله (٢)، وظاهرُ القرآن يشهدُ بصحِّة ذلك.

وقوله: {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣)}: يدلُّ على أنَّ إحياءَ هذا القتيل آيةٌ بينةٌ على قدرة الله على بعث الأموات.

{فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ} أي القتيلُ {بِبَعْضِهَا} فضُرب بلسانها أو عجبِ ذنبها فحيي، وقال: قتلني فلانٌ وفلانٌ، لابنَيْ عمه، ومات، فحُرِما الميراث وقُتلا. قال تعالى: {كَذَلِكَ} الإحياءُ {يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ} دلائلَ قدرتِه {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} تتدبرون فتعلمون أنَّ القادرَ على إحياء نفسٍ واحدةٍ قادرٌ على إحياء نفوسٍ كثيرةٍ فتؤمنون.


(١) قال الطبري: «ولا دلالة في الآية ولا خبر تقوم به حجة على أيِّ أبعاضها التي أُمر القوم أن يضربوا القتيل به».
وقال ابن كثير: «فلو كان في تعيينه لنا فائدة تعود علينا في أمر الدين أو الدنيا؛ لبينه الله تعالى لنا، ولكن أبهمه، ولم يجئ من طريق صحيح عن معصوم بيانه، فنحن نبهمه كما أبهمه الله». ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ١٢٧)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٣٠٢).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ١٢٥ - ١٢٧)، و «تفسير ابن أبي حاتم» (١/ ١٤٥، رقم ٧٥٠، ٧٥٢).

<<  <   >  >>