للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣٩)} [البقرة: ٣٨ - ٣٩]:

يخبر - تعالى - أنه أمرَ آدمَ وزوجَه وإبليسَ بالهبوط إلى الأرض كما في الآية السابقة. وقوله: {جَمِيعًا}: تأكيدٌ لمعنى الواو في قوله: {اهْبِطُوا}، وأعادَ الأمر بالهبوط - والله أعلم - بذكر ما يترتَّبُ عليه مما لم يُذكر في الأمرِ الأول، وذلك قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} وهو ما بعثَ به رُسُلَهُ، ثم ذكر حالَ الناس مع هذا الهدى وأنَّهم فريقان: متبعٌ له، ومُعرضٌ عنه، وحُكْمَ كلِّ فريق، وذلك قوله: {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨) … } الآيتين.

{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا} مِنْ الجنة {جَمِيعًا} كرَّرَهُ ليَعْطِفَ عليه {فَإِمَّا} فيه إدغامُ نونِ «إنْ» الشرطية في «ما» المزيدة {يَأْتِيَنكُمْ مِنِّي هُدًى} كتابٌ ورسولٌ {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ} فآمنَ بي وعملَ بطاعتي {فَلَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} في الآخرة بأنْ يدخلوا الجنة {وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} كُتُبنَا {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ماكثونَ أَبدًا لَا يَفْنَونَ ولا يَخرجون.

وقولُ المؤلِّف: (مِنْ الجنةِ): الهبوطُ من الجنة يدلُّ على أنها في العُلو.

وقولُه: (كَرَّرَهُ): أي كرَّرَ الأمرَ بالهبوط، وقد جاء الأمرُ بالهبوط في هذه الآية، والآية السابقة؛ يقول المؤلِّف: (كَرَّرَهُ لِيَعْطِف عَلَيْهِ) وليس قولُه هذا بظاهرٍ؛ فإنه ليس في الآية عطفٌ، ولو قال: كرَّره ليذكر ما سيكونُ بعد الهبوط، وذلك في قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنكُمْ مِنِّي هُدًى … }، إلى قوله: {خَالِدُونَ}.

<<  <   >  >>