للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُون (١٤٤)} [البقرة: ١٤٤].

يُخبر الله -تعالى- نبيَّه بأنه يرى تقلُّبَ وجهه في السماء ناظرًا ومُنتظرًا أن يأتيه الوحي بتوجيهه إلى الكعبة بدلًا عن استقبال بيت المقدس، ثم يَعدُ اللهُ نبيَّه أن سَيوليه قبلةً يرضاها، فوفَّى اللهُ بوعده فأمر نبيَّه والمؤمنين أن يُولُّوا وُجوهَهم شطرَ المسجد الحرام؛ فقال تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ}، ثم أخبر تعالى أنَّ الذين أُوتوا الكتابَ يعلمون أنَّ تحويلَ القبلة هو الحقُّ من ربهم، ثم أخبر تعالى أنه ليس غافلًا عما يعمل العباد من المؤمنين وأهل الكتاب وغيرهم، فقال: {وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُون (١٤٤)}.

{قَدْ} للتحقيق {نَرَى تَقَلُّب} تصرف {وَجْهك فِي} جهة {السَّمَاء} مُتطلِّعًا إلى الوحي ومُتشوِّفًا للأمر باستقبال الكعبة، وكان يودُّ ذلك لأنها قبلة إبراهيم، ولأنه أدعى إلى إسلام العرب {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ} نُحَوِّلَنَّكَ {قِبْلَة تَرْضَاهَا} تُحبها {فَوَلِّ وَجْهك} استقبل في الصلاة {شَطْر} نحو {الْمَسْجِد الْحَرَام} أي: الكعبة {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ} خطابٌ للأمة {فَوَلُّوا وُجُوهكُمْ} في الصلاة {شَطْره وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ} أي: التولي إلى الكعبة {الْحَقّ} الثابت {مِنْ رَبّهمْ} لِمَا في كتبهم في نعت النبيِّ من أنه يتحوَّلُ إليها {وَمَا اللَّه بِغَافِلٍ عما تعملون} بالتاء، أيها المؤمنون من امتثال أمره، وبالياء؛ أي: اليهود من إنكار أمر القبلة.

<<  <   >  >>