ينهى اللهُ - تعالى - المؤمنينَ عن إحسان الظنِّ باليهود والطمعِ في إيمانهم، وهم الذين فريقٌ منهم يسمعون كلامَ الله المنزَّل على موسى، وهو التوراةُ ثم يحرفونه؛ أي: يُغيّرون لفظَه أو معناه بعد ما فهموا مرادَ اللهِ منه، وهم يعلمون قُبحَ فعلِهم، فمَن هذه حالُه لا طمعَ في إيمانهم؛ لأنهم ارتكبوا الباطلَ قاصدين وعامدين، ولهذا قال: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)}، وفي هذا تيئيس للمؤمنين من إيمانهم.
{أَفَتَطْمَعُونَ} أيُّها المؤمنون {أَنْ يُؤْمِنُوا} أي: اليهود {لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ} طائفةٌ {مِنْهُمْ} أحبارهم {يَسْمَعُونَ كَلَام اللَّه} في التوراة {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} يُغيرونه {مِنْ بَعْد مَا عَقَلُوهُ} فهموه {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم مُفترون؟ والهمزة للإنكار؛ أي: لا تطمعوا فلهم سابقةٌ في الكفر.
وقولُ المؤلِّف:(أيُّها المؤمنون): بيانٌ للمخاطَبين في الآية.
وقولُه:(أي: اليهود): بيانٌ للمراد في الذين لا طمع في إيمانهم، ويدلُّ له أنَّ الحديثَ في الآيات السابقة عنهم.
وقولُه:(أحبارهم): بيانٌ للمراد بالفريق الموصوفين بالتحريف، وهم علماءُ اليهود، وهذا هو الصحيحُ، والصحيحُ أيضًا: أنَّ المرادَ بكلام الله التوراةُ (١)، ولهذا قال المؤلف:(في التوراة).
(١) وهو قول مجاهد والسدي. ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ١٤٠ - ١٤١)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٢٥٩)، و «زاد المسير» (١/ ٨٠).