للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون (٢٢١)} [البقرة: ٢٢١]:

النكاحُ في اللغة هو: الضمُّ والجمعُ (١)، ويُطلَقُ على العَقدِ والوطءِ؛ فقيل: إنه حقيقةٌ فيهما، فهو من المشترك اللفظي، وقيل: حقيقةٌ في الوطء مجازٌ في العَقد، وقيل: بالعكس، وهو قول الأكثر، والأولى أن يقال: إنه حقيقة فيهما، ولكن استعماله في العقد أكثر (٢).

وفي هذه الآيةِ ينهى اللهُ عبادَه المؤمنين عن نكاح المشركات اللاتي يَعبُدنَ مع الله غيرَه من الأَصنام والأَوثان، ينهى عن نِكاحهنَّ إلى أَنْ يُؤمِنَّ بالله ورسولِه، ويُخلصنَ العبادةَ لله، وينهى عن إنكاح المشركينَ عُبَّادِ الأَوثان، وهو تزويجهم المؤمنات، ويُبيِّنُ تعالى أَنَّ الأَمَةَ المؤمنةَ خيرٌ من الحُرَّةِ المشركةِ ولو كانت ذاتَ حَسَبٍ ونَسَبٍ وجمالٍ، وذلك في قوله تعالى: {وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ}، والأَمَةُ يُرادُ بها: المملوكة، وغلطَ مَنْ قال: المرادُ بها المرأةُ مُطلقًا حرَّةً كانت أو مملوكةً، وهذا لا يُعرف في اللغة العربية إلَّا إذا أُضيفت الأَمَةُ إلى الله؛ فيقال: «يا أمة الله» لأَيِّ امرأةٍ (٣)، وكذا «العبد» المرادُ به هنا: المملوك، والعبدُ المؤمن خيرٌ من الحرِّ المُشرك، ولو كان ذا مالٍ وجاهٍ وحَسَبٍ ونَسَبٍ، وذلك في قوله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ}.


(١) ينظر: «المصباح المنير» (٢/ ٦٢٤).
(٢) ينظر: «لسان العرب» (٢/ ٦٦٢)، و «تحرير ألفاظ التنبيه» (ص ٢٥٠)، و «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص ٣٨٦).
(٣) ينظر: «لسان العرب» (١٤/ ٤٤).

<<  <   >  >>