للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)}.

«ال» في {الْحَمْدُ} للاستغراق، واللام في {لِلَّهِ} للاستحقاق، المعنى: الحمدُ كلُّه مُستحَقٌّ لله، والجملةُ إنشاءٌ للحمد من العبد لربه، وهي خبرٌ من الله مدحًا لنفسه، وتعليمًا لعبده، والربُّ: هو: المالكُ المنعمُ، المربي بالنِّعم، المستحقُّ للعبادة (١).

و {الْعَالَمِينَ}: جمعُ عالَم، والمرادُ بهم في هذا الموضع: جميعُ الخلق، فكلُّ جنسٍ من المخلوقات عالَم، تقول: عالَمُ الإنس، وعالَم الجنِّ، وعالَم الملائكة، وعالَم الحيوان، وغير ذلك.

وقد يُرادُ بالعالمين: الجنُّ والإنسُ فقط؛ كقوله تعالى: {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)} [الفرقان: ١]، وقد لا يُراد بهم إلا البشر؛ كقوله تعالى - في بني إسرائيل -: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (٤٧)} [البقرة: ٤٧، ١٢٢] (٢).

{الْحَمْدُ لِلَّهِ}: جملةٌ خبريةٌ قُصد بها الثناءُ على اللَّه بمضمونها من أنه تعالى مالكٌ لجميع الحمد من الخلق، أو مُستحقٌّ لأن يَحمدوه.

و {الله}: عَلَمٌ على المعبود بحق. {رَبِّ الْعَالَمِينَ}: أي مالك جميع الخلق من الإنس والجنِّ والملائكة والدواب وغيرهم، وكلٌّ منها يُطلَقُ عليه «عَالَم»، يقال: عالَم الإنس وعالَم الجن إلى غير ذلك، وغلب في جمعه بالياء والنون «أولو العلم» على غيرهم. وهو من العلامة؛ لأنه علامةٌ على مُوجِده.


(١) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ١٤٢ - ١٤٣)، و «اشتقاق أسماء الله» (ص ٣٢ - ٣٦)، و «شأن الدعاء» (ص ٩٩ - ١٠٠)، و «مجموع الفتاوى» (١٤/ ١٢ - ١٣).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ١٤٤ - ١٤٧)، و «نزهة الأعين النواظر» لابن الجوزي (ص ٤٤٤ - ٤٤٦، رقم ٢١٤).

<<  <   >  >>