للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِين (١٥٣)} [البقرة: ١٥٣]:

هذا أمرٌ من الله لعباده المؤمنين بأن يستعينوا بالصبر وبالصلاة على جميع ما أَهمَّهُم مِنْ أمر دينهم ودنياهم، والصبرُ يشمل أنواعَ الصبر الثلاثة: صبرٌ على طاعة الله، وصبرٌ عن معصية الله، وصبرٌ على أقدار الله (١).

والصلاةُ تشمل الصلواتِ المفروضة وصلاةِ التطوع؛ أي: الفرائض والنوافل، ثم يُرَغِّبُ سبحانه وتعالى فيما أمر به من الصبر بمعيَّتِه للصابرين؛ فقال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِين (١٥٣) وما أمرَ الله به المؤمنين في هذه الآية قد أمرَ به بني إسرائيل في أولِ السورة في قوله: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِين (٤٥)} [البقرة: ٤٥]، والخطابُ في الآيات المتقدِّمة للمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد صُرِّحَ بوصف الإيمان في هذه الآية، ومناسبةُ هذه الآية لِمَا قبلَها مِنْ وجهين:

أولًا: مِنْ جهة أنَّ الأمرَ باستقبال المسجد الحرام مطلوبٌ في الصلاة، بل شرطٌ لصحَّتِها.

وثانيًا: مِنْ جهة ما تقدَّم مِنْ أذى اليهود والمنافقين بالاحتجاجِ على المؤمنين، والاحتجاج عليهم في تحويل القِبلة، ولذا نهى اللهُ عن خشيتِهم وأمرَ بالصبر على أذاهم، وأمَّا مناسبةُ الآية لِمَا بعدها مِنْ الآيات فظاهرةٌ، والآية كالمقدِّمة للآيات بعدها إلى قوله: {الْمُهْتَدُون (١٥٧)}.


(١) ينظر: «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٥٧٤ - ٥٧٧)، و «عدة الصابرين» (ص ٤٨) وما بعدها، و «مدارج السالكين» (٢/ ٤٥١) وما بعدها.

<<  <   >  >>