يُخبر تعالى عن حال مَنْ يمنع مساجد الله التي أفضلُها المسجدُ الحرام، يمنعها من أنْ يُذكَر فيها اسمُ الله، ويصدُّ مَنْ يقصدها بذكر اسم الله فيها، وفعلِ ما شرع اللهُ فيها من العبادات، وهذا الصدُّ أعظم سعي في خرابها، فإنَّ عمارتَها بذكر اسم الله فيها وإقامِ الصلاة فيها؛ وأعظمُ الصدِّ عن ذلك الصدُّ عن المسجد الحرام، فأخبر تعالى أنَّ مَنْ هذه حالُه فلا أحد أظلم منه.
{وَمَنْ} في قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ}: اسمُ استفهامٍ إنكاري، وهو بمعنى النفي، فالتقدير: لا أحدَ أظلم. ثم أخبر تعالى أنَّ أولئك الظالمين لا يحقُّ لهم دخول مساجد الله، ولا يليقُ بهم إلَّا أن يدخلوها خائفين ذليلين مقهورين، ثم أخبر تعالى عن سوء عاقبتهم في الدنيا والآخرة؛ فقال:{لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ}؛ وهو الفضيحةُ والعارُ، {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١٤)}؛ وهو عذاب النار.
{وَمَنْ أَظْلَم} أي: لا أحدَ أظلم {مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمه} بالصلاة والتسبيح {وَسَعَى فِي خَرَابهَا} بالهدم أو التعطيل، نزلت إخبارًا عن الروم الذين خرَّبوا بيت المقدس، أو في المشركين لَمَّا صدُّوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم عامَ الحديبية عن البيت {أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إلَّا خَائِفِينَ} خبر بمعنى الأمر؛ أي: أخيفوهم بالجهاد فلا يدخلها أحدٌ آمنًا. {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} هوانٌ، بالقتل والسبي والجزية {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم} هو النار.