للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون (١٤٩) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون (١٥٠)} [البقرة: ١٤٩ - ١٥٠]:

يؤكد -تعالى- في هاتين الآيتين أمرَه نبيَّه والمؤمنين باستقبال المسجد الحرام حيث كانوا من الأرض، ومِن أي مكانٍ خرجوا، ويؤكد -سبحانه- الخبرَ بأن استقبال المسجد الحرام هو الحقُّ، فقد أمر بذلك في الآيات السابقة، وأخبر بأنه الحقُّ؛ أي: حكمٌ شرعَه اللهُ وفرضَه؛ ثم أخبر عن حكمتِه فيما شرعَ من استقبال البيت الحرام، وذلك قوله: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ}، ومعنى ذلك: أنهم لو لم يستقبلوا المسجد الحرام لاحتجَّ عليهم أهل الكتاب بما هو موجودٌ في كتبِهم من أنه صلى الله عليه وسلم يستقبل قبلة إبراهيم، واحتج عليهم المشركون كذلك، وقالوا: إنه ترك قبلةَ إبراهيم الذي يزعم أنه مأمورٌ باتِّباع مِلَّتِه. وقوله: {إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} وهم اليهود والمنافقون الذين طعنوا في تحويل القِبلة، وهم الذين قال الله فيهم: {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}.

ثم أمر الله المؤمنين بخشيتِه ونهاهم عن خشيةِ الظالمين من الكفار والمنافقين، وبيَّنَ -تعالى- أنَّ من حكمتِه في تحويل القبلة: إتمامُ النعمة على المؤمنين وليكونوا مهتدين، فإنَّ التوجُّه في الصلاة جهةَ المسجد الحرام من الهدى الذي شرَعَهُ الله لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم ولأُمته؛ كما قال تعالى: {قُلْ لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم (١٤٢)}.

<<  <   >  >>