للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُون (٢٥٤)} [البقرة: ٢٥٤]:

هذا أَمرٌ من الله لعباده المؤمنين بالإنفاق مما رزقهم من المال ما داموا في هذه الحياةِ التي جُعلت ميدانًا للتسابق في الخيرات، وأَن يُبادروا قبل أَنْ يأتيَ اليومُ الذي لا يخلصُ مِنْ شرِّه بيعٌ؛ وهو ما يكون بالافتداء، ولا فيه خُلَّةٌ يدفع بها الخليلُ عن خليله، وليس فيه شفاعةٌ تُقبَل من الشافع وتنفعُ المشفوع له، وهذا الأمر بالإنفاق مُتصلٌ بما تقدَّم من الأمر بالقتال في سبيل الله [آية: ٢٤٤]، ومؤكِّدٌ للترغيب في إقراض الله قرضًا حسنًا} [آية: ٢٤٥].

وقولُه تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُون (٢٥٤)}: بيانٌ لأَخسر الناس في ذلك اليوم، فلا يُنجيهم من عذاب الله فديةٌ ولا شفاعةٌ ولا مودَّةٌ، كما قال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاع (١٨)} [غافر: ١٨].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} زكاتَه {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعَ} فداءٌ {فِيهِ وَلَا خُلَّةَ} صداقةٌ تنفع {وَلَا شَفَاعَةَ} بغير إذنه، وهو يومُ القيامة. وفي قراءةٍ: برفع الثلاثة. {وَالْكَافِرُونَ} بالله، أَوْ بما فرضَ عليهم {هُمُ الظَّالِمُونَ} لوضعهم أَمرَ الله في غير محلِّه.

وقولُ المؤلِّف: (زكاتَه): هذا يقتضي قصرَ مقصود الآية على الزكاة، وليس بظاهرٍ؛ فإِنَّ الآيةَ عامَّةٌ ومُطلقَةٌ، فيدخل فيها جميعُ النفقات الواجبة والمستحبة.

وقولُه: (فداءٌ): فسَّر البيعَ المنفيَّ بالفداء؛ لأَنَّ المتوعَّد بالعقاب يريد أَنْ يشتري نفسَه بمالٍ يدفعه؛ اسمه: الفداءُ أَوْ الفديةُ.

<<  <   >  >>