يُخبر تعالى عن السفهاء -وهم اليهود والمنافقون- أنهم سيقولون طاعنين على المسلمين في تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة الآتي ذِكرُه في الآيات؛ فيقول هؤلاء السفهاء عن المسلمين:{مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}، فردَّ اللهُ عليهم بقوله:{لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}؛ أي: جميع الجهات ملكه، يوجِّه عبادَه إلى استقبال ما شاء منها، وما أمرهم تعالى باستقباله هو الهدى، ولهذا قال: {يَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم (١٤٢)}.
وقوله تعالى:{السُّفَهَاء} يعني: المنافقين؛ مُطابِقٌ لقوله فيما تقدَّم أول السورة:{أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ}، وحقيقة السَّفَه: الجهلُ والغباءُ وضعفُ العقل (١)، وكلُّ مَنْ طعن في شرع الله وحكمته فهو من أسفه السفهاء، والله أعلم.
{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ} الجُهَّال {مِنَ النَّاسِ} اليهود والمشركين: {مَا وَلَّاهُمْ} أيُّ شيءٍ صرفَ النبيَّ والمؤمنين {عَنْ قِبْلَتِهِمِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} على استقبالها في الصلاة، وهي: بيت المقدس، والإتيان بالسين الدالة على الاستقبال من الإخبار بالغيب {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب} أي: الجهات كلها، فيأمُر بالتوجه إلى أيِّ جهةٍ شاء، لا اعتراض عليه {يَهْدِي مَنْ يَشَاء} هدايته {إلَى صِرَاطٍ} طريقٍ {مُسْتَقِيم} دين الإسلام، أي: ومنهم أنتم.