يأمر اللهُ في هذه الآية الأزواجَ إذا طلَّقوا زوجاتهم طلاقًا رجعيًا -وهو: الطلقة الأولى والثانيةـ، المذكور في قوله تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} - يأمرهم تعالى إذا طلَّقوا نساءهم {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}؛ أي: قاربن نهايةَ العدةِ؛ أَنْ يُمسكوهنَّ بمراجعتهن إن شاؤوا، أَوْ يُسرحوهنَّ بتركهن حتى تنقضي عدتهنَّ، ولا بدَّ أَنْ يكون الإمساكُ أَوْ التسريح بالمعروف؛ أي: على الوجه الذي لا ضرر فيه ولا مخالفة شرعية.
ثم نهى تعالى عن إِمساكهنَّ لأَجلِ المضارة لهنَّ، فإنَّ ذلك اعتداء لحدود اللهِ، وبيَّن تعالى أَنَّ مَنْ فعل ذلك فقد ظلم نفسَه بمعصية الله. ثم نهى تعالى عن اتخاذ آياتِ اللهِ هزوًا، وهي: أحكامه التي بينها؛ باتخاذها وسيلة إلى ما حرم.
ثم أَمر بذكر نِعمه التي أَنعم بها على عباده، وأَعظمُ ذلك ما أَنزله {مِنَ الْكِتَابِ}: القرآن، {وَالْحِكْمَةِ}: السنَّة، {يَعِظُكُمْ بِهِ}: أَي: يعظكم بما أَنزل من الأَوامر والنواهي والوعد والوعيد ترغيبًا وترهيبًا. ثم أَمر بتقوى اللهِ، وتلك هي الوصيةُ الشاملةُ لكلِّ ما تقدَّم.
ثم أَخبر تعالى أَنَّه {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم (٢٣١)}؛ ترغيبًا لمن امتثلَ أَوامر اللهِ، وترهيبًا لمن خالفَ ذلك، فالمعنى: إِنَّ اللهَ بكلِّ شيءٍ عليمٌ، وسيجزيكم بأَعمالِكم.
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} قاربنَ انقضاءَ عِدَّتهنَّ {فَأَمْسِكُوهُنَّ} بأَنْ تُراجعوهنَّ {بِمَعْرُوفٍ} من غير ضرارٍ {أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} اتركوهنَّ حتى تنقضي عِدَّتهنَّ {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ} بالرجعة