للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيم (١٧٨) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون (١٧٩)} [البقرة: ١٧٨ - ١٧٩]:

هذا خطابٌ من الله لعباده المؤمنين؛ لإعلامهم بحُكمٍ كتبه اللهُ عليهم وهو القصاص في القتلى، ومعنى الآية عند جمهور العلماء من المفسرين وغيرهم: هو وجوبُ القصاص على القاتل عمدًا عدوانًا (١)، وأنَّ ذلك حقٌّ لأولياء المقتول، فمَن شاء أَخذ به ومَن شاء عفا عن القصاص إلى الدِّية أو مجانًا؛ فقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ}: خطابٌ لكلِّ مَنْ وجبَ عليه القصاصُ، ولولاة الأمر في تنفيذه.

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ}: أَي كتب اللهُ عليكم؛ أي: أَوجب، و {الْقِصَاصُ} في اللغة: مأخوذٌ من قَصِّ الأَثرِ، وهو تتبُّعه (٢)، وفي الشرع: قتلُ القاتل، وأَن يُفعَل به نظير ما فعله بالمقتول.

وقوله: {فِي الْقَتْلَى}: جمعُ قتيلٍ، والمعنى: في شأن القتلى، وهذا الحكمُ مجمَلٌ فصَّله بقوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى}، ومعنى الآية: أَنَّ الحرَّ القاتل يُقتَلُ بالحر، ومفهومه: أنه لا يُقتَل بالعبد، وأَنَّ العبدَ القاتلَ يُقتَلُ بالعبد، ومن باب أولى أَنْ يُقتَلَ بالحرِّ، وأَنَّ المرأة القاتلة تُقتَلُ بالمرأة، ومن


(١) ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٩٤) (٣/ ٩٥)، وابن أبي حاتم (١/ ٢٩٣)، و «أسباب النزول» (ص ٤٩)، و «العجاب في بيان الأسباب» (١/ ٤٢٣).
(٢) ينظر: «لسان العرب» (٧/ ٧٦).

<<  <   >  >>