يُخبر تعالى عن اختلاف اليهود والنصارى، وأنَّ كلًّا من الطائفتين تذمُّ الأخرى وأنها ليست على شيءٍ من الحق، مع أنهم يقرؤون كتبَ الله - التوراة والإنجيل -.
كذلك يُخبر تعالى عن الذين لا يعلمون - وهم المشركون الذين لا عِلم عندهم لأنهم لا كتاب لهم - أنهم قالوا في كلِّ مَنْ خالفهم من اليهود والنصارى وغيرهم: ليسوا على شيءٍ، مثل قول اليهود والنصارى بعضهم لبعض.
ثم أخبر تعالى أنه يحكم بين جميع المختلفين يوم القيامة فيُبيِّنُ المحقَّ منهم من المُبطل؛ كما قال تعالى في حكمة البعث: {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (٣٩)} [النحل: ٣٩].
{وَقَالَتْ الْيَهُود لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْء} مُعْتَدٍّ به وكفرت بعيسى {وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُود عَلَى شَيْء} مُعْتَدٍّ به وكفرت بموسى {وَهُمْ} أي: الفريقان {يَتْلُونَ الْكِتَاب} المنزلَ عليهم، وفي كتاب اليهود تصديقُ عيسى، وفي كتاب النصارى تصديقُ موسى، والجملةُ حال {كَذَلِكَ} كما قال هؤلاء {قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} أي المشركون من العرب وغيرهم {مِثْل قَوْلهمْ} بيانٌ لمعنى ذلك. أي: قالوا لكلِّ ذي دينٍ: ليسوا على شيءٍ {فَاَللَّه يَحْكُم بَيْنهمْ يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} من أمرِ الدِّين، فيدخل المحقُّ الجنةَ، والمبطلُ النارَ.