للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب (١٩٦)} [البقرة: ١٩٦]:

يأمر اللهُ نبيَّه والمؤمنين بإتمام الحج والعمرة له تعالى، وفي المراد بالإتمام وجوهٌ من التفسير: فقيل: المرادُ: المضيُّ فيهما إلى تمامهما بعدمِ القطعِ لهما لأن الأمر بالإتمام إنما يتوجه لمن شرعَ فيهما، وقيل: إتمامُهما: فِعلُ جميعِ مناسكهما، وقيل: المرادُ: الإخلاصُ فيهما لله تعالى، وقيل: إتمامُهما: أَداؤهما؛ ولهذا قيل: إِنَّ هذه الآيةَ هي الدليلُ على وجوب الحجِّ والعمرة، ولهذا قال مَنْ قال: إِنَّ الحجَّ فُرِضَ في السنة السادسة من الهجرة (١)، وأَقربُ هذه الوجوه في المراد «بالإتمام»: الأول والثاني (٢)، والصواب: أَنَّ الحجَّ إنما فُرِضَ في السَّنة التاسعة؛ لقوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: ٩٧] وهذه الآية إنما نزلت في السنة التاسعة (٣).

والحجُّ في اللغة: القصد إلى مُعَظَّمٍ، وفي الشرع: القصدُ إلى البيت الحرام والمشاعرِ العظامِ بقصد القُربةِ لله. والعمرةُ في اللغة: الزيارة، وفي الشرع: زيارةُ البيت للطواف به والسعي بين الصفا والمروة.


(١) ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٣٢٧ - ٣٤٢)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٤٧٠ - ٤٧١)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٦٥ - ٣٦٦).
(٢) وتفسير الإتمام بالمضي هو قول ابن عباس في رواية علي ابن أبي طلحة عنه، واختاره الطبري والبغوي، واستظهره ابن كثير، وقال أبو حيان: إن القولين قريبان. ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٣٢٨) (٣/ ٣٣١ - ٣٣٢)، و (٣/ ٣٤١)، و «تفسير البغوي» (١/ ٢١٨) و «البحر المحيط» (٢/ ٢٥٤)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٧٣٥).
(٣) ينظر: «زاد المعاد» (٢/ ١١٠).

<<  <   >  >>