للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} أي: صُددتم عن المسجد الحرام (١).

وقوله: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} أي: مَنْ أُحصرَ فعليه ما استيسر من الهدي، وهو: شاةٌ أو سُبْعُ بَدنةٍ أو سُبْعُ بقرةٍ، يذبحه في المكان الذي أُحصرَ فيه ويتحلَّل، وهذا يؤيد الوجهَ الأولَ في المراد بإتمام الحج والعمرة. وقوله: {وَلَا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ}: نهيٌ من الله عن حلق المحرِمِ رأَسَه.

وقوله: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}: هذا غايةٌ للنهي عن حلق المحرِمِ رأَسَه، ومحلُّ الهدي في العمرة وقت الفراغ منها، ومحلُّه المكاني: الحرمُ كله، والهديُ في الحج محلُّه الزماني يوم النحر، ومحلُّه المكاني منى.

وقوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}: هذه الآيةُ تضمَّنت الرخصةَ للمحرم بحلق رأسه إذا كان مريضًا أو به أذى من رأسه كالقمل، فمَن ترخَّصَ وحلقَ فعليه فدية، وهي أَحدُ ثلاثة أشياء: صيامُ ثلاثةِ أيامٍ، أو إطعامُ ستةِ مساكين لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ، أو نُسك وهو شاةٌ أو سُبْعُ بقرةٍ أو سُبْعُ بدنة، وقد أُجملت خصالُ الفطرة الثلاثة في القرآن، وفصَّلتها السنَّةُ كما في حديث كعب بن عجرة (٢).

وقوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}. قوله: {فَإِذَا أَمِنتُمْ} أي: لم تخافوا أَنْ يصدَّكم عدو عن البيت، وحينئذٍ فمَن تمتَّع بالعمرة إلى الحج؛ أي: أَنشأَ عمرةً في أشهر الحج ليتمتع بها إلى أَنْ يأتي وقتُ الإحرام بالحج، فمَن فعل ذلك وحلَّ من العمرة ثم أحرم بالحج مِنْ عامِه؛ فذلك هو المتمتعُ، وعليه ما استيسرَ من الهدي؛ وهو شاةٌ أو سُبْعُ بَدنةٍ أو سُبْعُ بقرةٍ كما تقدَّم، فمَن لم


(١) ينظر: «المفردات» للراغب (ص ٢٣٩).
(٢) أخرجه البخاري (١٨١٤)، ومسلم (١٢٠١).

<<  <   >  >>