للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجد فعليه صيامُ ثلاثةِ أيام في الحج، اختُلفَ في وقتها، وأظهرُ الأقوال أنه بعد الإحرام بالعمرة (١)، وسبعةٍ إذا رجعَ إلى أهله.

وقوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}: تأكيدٌ لوجوب ما ذكر من صيام الثلاثة والسبعة، وأنها لا تجزئ عن الهدي إلا كاملة، فمَن ترك منها يومًا لغير عذرٍ كان كمَن لم يصمْ منها شيئًا.

وقوله: {ذَلِكَ لِمَنْ لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}: اسمُ الإشارة قيل: راجعٌ إلى التمتع وما يتعلَّقُ به من الأحكام؛ فالمعنى: أَنَّ التمتُّعَ مشروعٌ لمن ليس من حاضري المسجد الحرام، وليس مشروعًا لحاضري المسجد الحرام، وقيل: اسمُ الإشارةِ راجعٌ إلى وجوب الهدي في قوله: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، وعلى هذا فلا يجب الهديُ إلا على مَنْ تمتَّعَ من غير حاضري المسجد الحرام، وعليه فمَن تمتَّعَ منهم فلا هدي عليه، والصوابُ الأولُ، فإنَّ اسمَ الإشارة ليس كالضمير يعود إلى أقرب مذكور؛ بل يعودُ إلى كلِّ ما تقدَّم في الجملة (٢).

واختُلف في المراد بـ {حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}: فقال بعضهم: هم أهلُ الحرَمِ خاصة، وقيل: هم أهلُ الحرَمِ ومَن بينهم وبينه دون مسافةِ القصر، والصحيح: الأول؛ وهو أنهم سكانُ الحرَمِ؛ لأنه ظاهرُ القرآن (٣).


(١) وهو قول أبي حنيفة واختاره السعدي. ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٤٣٠)، (٣/ ٤٣١)، و «أحكام القرآن» للجصاص (١/ ٣٦٦)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٤٧٨)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٩٩)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٥٣٨)، و «تفسير السعدي» (١/ ١٤٦).
(٢) وهو قول ابن عباس الربيع والسدي، واختاره الطبري، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه. ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٤٣٧)، (٣/ ٤٣٩)، و «أحكام القرآن» للجصاص (١/ ٣٤٨)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٤٨٠)، و «زاد المسير» (١/ ١٦٣)، و «البحر المحيط» (٢/ ٢٧٠)، و «التحرير والتنوير» (٢/ ٢٢٩ - ٢٣٠).
(٣) وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم. ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٤٣٨ - ٤٣٩)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٤٨٠)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٤٠٤)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٥٤٠).

<<  <   >  >>