للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون (٢٥٧)} [البقرة: ٢٥٧]:

يُخبر تعالى أَنه وليُّ الذين آمنوا بالله ورسله، وعبدوه وحدَه، وكفروا بالطاغوت، فهو سبحانه يتولَّاهم بالنصر والتأييد والهداية، ومِن ولايته لهم: أَنه يُخرجُهم من الظلمات؛ ظلماتِ الجهلِ والغفلةِ والكفرِ والشركِ، ويوصلُهم إلى نور العلمِ والإيمانِ، ويُخبر تعالى أَنَّ الذين كفروا بالله ورسله أَولياؤهم الطواغيت؛ وهم شياطينُ الإنسِ والجنِّ، ومَن يتولونَه يُضلونَه ويهدونَه إلى عذاب السعير؛ لأنهم يخرجون أَولياءهم من نور العلم والإيمان، ويوصلونهم إلى ظلمات الجهل والكفر والغفلة، فصارت عاقبتهم الخلودُ في النار كما دلَّ عليه قولُه تعالى: {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون (٢٥٧)}.

وعُلم من الآية: أَنَّ الناسَ فريقان؛ مؤمنون هم أَولياءُ الله، واللهُ وليهم، لا وليَّ لهم غيره؛ لأنه إلههُم ومَعبودهُم وحده لا يُشركون به شيئًا، وفريقٌ كافرون؛ وهم أَحزابٌ، كلُّ حزبٍ له وليٌّ يتَّبعونه، ومعبودٌ يعبدونه من دون الله، قال تعالى: { … وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِين (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)} [الروم: ٣١ - ٣٢]، فإِن قيل: لم يذكر اللهُ عاقبةَ الذين آمنوا كما ذكر عاقبة الذين كفروا؟ قيل: عاقبتُهم معلومةٌ من ابتداء الكلام، من أَوِّل جملةٍ، وهي قولُه تعالى: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ}، ففي هذه الولاية كلُّ خيرٍ وفلاحٍ وسعادةٍ في الدنيا والآخرة.

{اللَّهُ وَلِيُّ} ناصرُ {الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ} الكفرِ {إِلَى النُّورِ} الإِيمانِ {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ

<<  <   >  >>