يُبيِّنُ تعالى في هاتين الآيتين أنَّ مصيرَ الكافرين النار خالدين فيها، ومصيرَ المؤمنين الجنة خالدين فيها.
وقوله:{بَلَى}: ردٌّ لِمَا تزعمُه اليهود من قولهم: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}. والسيئة هي الكفر. ومعنى:{وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}: أي غَلبت عليه سيئاته فلا يصلُ إليه خيرٌ من أي جانب، وبهذا استوجبوا دخول النار والخلود فيها، وأمَّا {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فمصيرُهم الجنة خالدين فيها. فهذان الفريقان - فريقُ السُّعداء وفريقُ الأشقياء - نقيضان في أحوالهما وأعمالهما ومآلهما.
{بَلَى} تمسُّكم وتَخلدون فيها {مَنْ كَسَبَ سَيِّئَة} شركًا {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَته} بالإِفراد والجمع أي: استولت عليه وأحدقت به من كلِّ جانبٍ بأن مات مشركًا {فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} رُوعي فيه معنى «من». {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
وقولُ المؤلِّف:(تمسُّكم، وتَخلدون فيها): يُبيِّنُ بهذا أن {بَلَى} تُفيد إبطالَ النفي، وإثباتَ المنفي في قولهم:{لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ}.
وقولُه:(شركًا): تفسيرٌ للسيئة الموجبة للكفر والخلود في النار (١).
(١) قاله ابن عباس وأبو وائل ومجاهد وقتادة وعطاء والربيع. ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ١٧٨ - ١٨١)، و «تفسير ابن أبي حاتم» (١/ ١٥٧).