قوله:{أَلَمْ تَرَ}: الاستفهامُ للتقرير والتعجيب؛ المعنى: ألم ينتهِ علمُك إلى خبر الذي حاجَّ إبراهيمَ في ربِّه؛ أَي: الكافرُ الذي كفر بربِّ إبراهيم وصار يُجادله فيه بسبب غروره حين آتاه اللهُ الملكَ، وبلغ من غروره أَنْ ادَّعى الربوبيةَ وصار يجادلُ نبيَّ اللهِ إبراهيمَ في ربِّه، وكأَنَّه يقول لإبراهيم: ماذا فعل ربُّك؟ فاحتجَّ إبراهيمُ على الكافر بأنه الذي يُحيي ويُميت، وذكر المفسرون بأَنَّ الكافرَ قال في بيان حُجَّته: آتي باثنين قد استحقَّا القتلَ؛ فأقتلُ أَحدَهما وأُبقي الآخرَ (١)، فانتقل إبراهيمُ عليه السلام إلى حُجَّةٍ لا يستطيع الكافرُ أَنْ يموِّه بدعوى مثلها؛ قال إبراهيم عليه السلام:{فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}، فبُهتَ الكافرُ ولم يجد جوابًا، وانقطعت حُجَّته، فبذلك حجَّ إبراهيمُ عليه السلام الكافرَ وغلبَه بالحجَّة. وقولُه: {وَاللّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين (٢٥٨)}: أَي: لا يُوفِّق للإيمان القومَ الظالمين؛ عقوبةً على ظلمهم.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ} جادلَ {إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} لـ {أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} أَي: حمله بطرُه بنعمة الله على ذلك وهو نمروذ {إِذْ} بدل من «حاج»{قَالَ إِبْرَاهِيمُ} لَمَّا قال له: «مَنْ ربُّك الذي تدعونا إليه»؟ {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} أَي: يخلق الحياةَ والموتَ في الأَجساد. {قَالَ} هو
(١) ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٥٧١ - ٥٧٢، ٥٧٤، ٥٧٦)، و «معاني القرآن» للزجاج (١/ ٣٤١)، و «التفسير البسيط» (٤/ ٣٧٦)، و «تفسير البغوي» (١/ ٣١٦)، و «البحر المحيط» (٢/ ٢٢٦).