للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} بالقتل والعفو عنه. ودعا برجلين فقتل أَحدَهما وترك الآخر. فلما رآه غبيًّا {قَالَ إِبْرَاهِيمُ} منتقلًا إلى حجَّةٍ أَوضحَ منها {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا} أنت {مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} تحيَّر ودهشَ {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} بالكفر إلى محجة الاحتجاج.

وقولُ المؤلِّف: (لـ {أَنْ … }) إلى آخره: يُبيّنُ أَنَّ {إِذْ} للتعليل، ليست ظرفًا؛ فالمعنى: أَنَّ هذا الكافرَ الذي حاجَّ إبراهيم في ربِّه حمله على كفره وجِداله إبراهيم في ربِّه ما آتاه اللهُ من الملك؛ فكفرَ واستكبرَ حتى ادَّعى الربوبية، وسمَّاه المؤلِّفُ: (النمروذ) بالذال، ويُروى بالمهملة، ويقال: النمرود، والنمروذ (١).

وقولُه: (بدل من حاج): قال بعضُ الشارحين: إنه بدلُ اشتمال (٢)، والصوابُ: أنه لا يظهر وجهُ البدلية (٣).


(١) النمروذ أو النمرود: هو اسم جنس لكل ملك الكنعانيين، والمراد به هنا هو نمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، وقيل: إنه نمرود بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، وهو أوّل من تجبّر وقهر وغصب وسنّ سنن السّوء، وأوّل من لبس التاج، ووضع أمر النجوم ونظر فيه وعمل به. وأهلكه الله ببعوضة دخلت في خياشيمه، فعذب بها أربعين سنة ثم مات. ينظر: «المعارف» لابن قتيبة (١/ ٣١)، و «تفسير الطبري» (٤/ ٥٦٨ - ٥٧٠).
(٢) ينظر: «حاشية الجمل» (١/ ٢٢٣)، وأجازه الزمخشري بناء منه على أن {أَنْ} واقعة موقع الظرف. ينظر: «الكشاف» (١/ ٤٨٩).
(٣) قال العكبري: «و {إِذْ}: يجوز أن تكون ظرفًا لحاج، وأن تكون لآتاه. وذكر بعضهم أنه بدل من {أَنْ آتَاهُ} وليس بشيء؛ لأن الظرف غير المصدر، فلو كان بدلًا لكان غلطًا، إلا أن تجعل {إِذْ} بمعنى أن المصدرية، وقد جاء ذلك». «التبيان» (١/ ٢٠٦ - ٢٠٧)، وضعفه أيضا: أبو حيان، والسمين الحلبي، وغيرهما. ينظر: «البحر المحيط» (٢/ ٦٢٦)، و «الدر المصون» (٢/ ٥٥١ - ٥٥٢)، و «الكتاب الفريد» (١/ ٥٦٣)، و «إعراب القرآن وبيانه» (١/ ٣٩٢).

<<  <   >  >>