هذا خبرٌ من الله لنبيه على إصرار اليهود والنصارى على تكذبيهم بنبوته، وحرصهم على إضلاله وأنه لا يُرضيه منهم إلا أن يتَّبعهم على مِلَّتهم بناءً على زعمهم أنهم هم الذين على الهدى كما تقدَّم في قوله تعالى:{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى}[البقرة: ١١١]، وسيأتي قوله تعالى:{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا}[البقرة: ١٣٥].
ثم أمر اللهُ نبيَّه أن يقول:{إِنَّ هُدَى اللَّهِ} الذي أنزله في كتبه وأرسلَ به رُسلَه {هُوَ الْهُدَى}؛ أي: الدِّين الحق، لا ما خالفه من الأديان الباطلة والشرائع المُحدثة، ثم حذَّر اللهُ نبيَّه من اتباع أهوائهم بطاعتهم فيما يدعون إليه، وأخبر تعالى خبرًا مؤكدًا أنه إن فعل ذلك بعد الذي جاءه من العلم، ومنه العلم بكفرهم وضلالهم وبطلان الدِّين الذي هم عليه كما تقدَّم في الآيات السابقة إن فعل ذلك؛ فما له من الله من وليٍّ ولا نصيرٍ يمنعه من الله إنْ أراد أن يُحلَّ به عقابَه على اتباع أهواءِ اليهود والنصارى.
{وَلَنْ تَرْضَى عَنْك الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِع مِلَّتهمْ} دينهم {قُلْ إنَّ هُدَى اللَّه} الإسلام {هُوَ الْهُدَى} وما عداه ضلالٌ {وَلَئِنْ} لام قسم {اتَّبَعْت أَهْوَاءَهُمْ} التي يدعونك إليها فرضًا {بَعْد الَّذِي جَاءَك مِنْ الْعِلْم} الوحي من الله {مَا لَك مِنْ اللَّه من ولي} يحفظك {ولا نصير} يمنعك منه.