للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُ المؤلِّف: (وما عداه ضلالٌ): أي ما عدا الإسلام من الأديان ضلالٌ، وهذا المعنى مُستفادٌ من الحصر كما يدلُّ عليه تعريفُ الطرفين في قوله: {هُوَ الْهُدَى} (١).

وقولُه: (فرضًا): يُريد أنَّ قوله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ} ذُكر على سبيل الفرضِ والتقدير؛ لأنه صلى الله عليه وسلم معصومٌ، فاتباعه لِمِلَّتهم ممتنعٌ لعصمته.

وقولُه: (الوحي من الله): يُريد عِلمَ النبوةِ الشامل لمعرفة الحقِّ من الباطل من العلوم والأعمال. وقولُه: (يحفظك … ) إلى آخره: يُبيِّنُ بهذا الفرقَ بين الولي والنصير، فالوليُّ هو الذي يقوم بمصالح مَنْ وَليه، والنصيرُ هو الذي يدفعُ عنه المضار، ويمنعه ممَّن يريده بسوء، فبين الوليِّ والنصيرِ عمومٌ وخصوصٌ من وجه، لكنَّ الوليَّ أخصُّ بجلب المنافعِ وحفظِ المصالح، والنصيرَ أخصُّ بدفع المضارِّ (٢)؛ فالمعنى: فمتى فعلت ما نُهيتَ عنه حقَّ عليك عقابُ الله، وما لك من الله من وليٍّ يحفظك ولا نصيرٍ ينصرك ويمنعك من عذاب الله، وهذه الآيةُ نظيرُ قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} إلى قوله: {إِذًا لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء: ٧٣ - ٧٥].

* * *


(١) ينظر: «البحر المحيط» (١/ ٥٩٠)، و «التحرير والتنوير» (١/ ٦٩٤).
(٢) ذكر هذا الفرق: السعدي، والعثيمين. ينظر: «تفسير السعدي» -سورة الأحزاب- (٥/ ١٤٠٢)، و «تفسير سورة الفاتحة والبقرة» لابن عثيمين (٢/ ٣١). وقال ابن فورك في تفسيره (١/ ٣٨٥): «الولي الذي يدفع المكروه عن الإنسان، والنصير الذي يأمر بدفعه عنه»، وقال البيضاوي (١/ ١٠٠): «والفرق بين الولي والنصير: أن الولي قد يضعف عن النصرة، والنصير قد يكون أجنبيًا عن المنصور؛ فيكون بينهما عموم من وجه».

<<  <   >  >>