لَمَّا أمر اللهُ المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم بما يحصل به الإيمانُ الحقُّ ويحصل به الاهتداءُ؛ أخبر أنَّ مَنْ آمن مثل إيمانهم مِنْ أيِّ أمَّةٍ فقد اهتدى، ومَن أعرض عن هذا الإيمان فقد شاقَّ اللهَ ورسولَه، وسيكفي اللهُ نبيَّه والمؤمنين شرَّهم. والمقصودون: بهذا الخبر أولًا: اليهودُ والنصارى؛ لأنَّ سياقَ الآيات فيهم.
وقوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧}: أي السميعُ لأقوالكم، يسمع ما تقولون، وما يقال لكم، والعليم بما في صدوركم، ويعلم ما تُسِرُّون وما تُعلنون، وهذا من كفايته لنبيِّه والمؤمنين، فهي نظيرُ قوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} [طه: ٤٦].
{فَإِنْ آمَنُوا} أي: اليهود والنصارى {بِمِثْلِ} مثل زائد {مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدْ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا} عن الإيمان به {فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاق} خلاف معكم {فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّه} يا محمَّد شقاقَهم {وَهْوَ السَّمِيع} لأقوالهم {الْعَلِيم} بأحوالهم، وقد كفاه إيَّاهم بقتل قُريظة، ونفي النضير، وضربِ الجزية عليهم.
وقولُ المؤلِّف:(أي: اليهود والنصارى): لفظُ الآية عامٌّ لكنَّ اليهود والنصارى أخصُّ بهذا الحكم؛ لأنَّ سياقَ الآيات فيهم والكلام معهم.
وقولُه:(مثل زائد): فيكون المعنى: فإن آمنوا بما آمَنتُم به، وزيادةُ «مثل» للتأكيد. وقيل:«مثل» ليست زائدة، فيكون المعنى:{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ}؛