يأمر تعالى رسولَه والمؤمنين بقتال مَنْ يُقاتلهم من الكافرين، واختُلفَ في المراد بالموصول {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}؛ فقيل: هم المحاربون من الكفار الذين لا عهد لهم، وقيل: هم مَنْ كان من أهل القتال، فخرج عنهم النساءُ والصبيانُ ومَن في حكمهم كالشيخ الفاني (١).
وقوله:{فِي سَبِيلِ اللّهِ}: تنبيهٌ على الإخلاص، بأن يكون القصدُ من القتال إعلاءَ كلمةِ الله، وهذا الأمرُ بالقتال بعد الإذن للمهاجرين بقتال الذين أَخرجوهم من ديارهم وأموالهم بعد أن كانوا مأمورين بكفِّ أيديهم، فأُذِنَ لهم بالقتال، ثم أُمروا بقتال مَنْ قاتلهم، وهو معنى هذه الآية، ثم نُسِخ ذلك بالأمر بقتال المشركين حتى يسلموا وأهل الكتاب حتى يعطوا الجزية؛ كما في قوله تعالى:{فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} إلى قوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}[التوبة: ٥]، وقال في
(١) ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٢٨٩ - ٢٩٢)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٤٦٢ - ٤٦٣)، و «أضواء البيان» (١/ ١٤٥).