للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {* لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاء وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُون (٢٧٢) لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيم (٢٧٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون (٢٧٤)} [البقرة: ٢٧٢ - ٢٧٤]:

يُخبرُ تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم مُسليًّا له بأَنَّ ليس عليه أَنْ يهديَ الناسَ؛ بل أَمْرُ الهدى إلى الله فإنه القادرُ عليه؛ لأَنَّ المراد بالهدى في هذه الآية هو الهدى الخاص؛ وهو التوفيقُ لقبولِ الحقِّ وشرحُ الصَّدرِ، وذلك لا يقدرُ عليه إلا اللهُ، لا الرسولُ ولا غيرُه، أَمَّا الهدى العامُّ؛ وهو البيانُ والإرشادُ والدلالةُ على الخير؛ فذلك مقدورٌ للرسول صلى الله عليه وسلم وكلِّ مَنْ دعا إلى الله من أَتباعه كما قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم (٥٢)} [الشورى: ٥٢]، وقوله: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُون (١٨١)} [الأعراف: ١٨١]. وفي هذا الخبرِ تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم لأَنَّه صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على هدى الناس كما قال تعالى في شأن الرسول: {حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨]؛ أَي: حريصٌ على هدايتكم، وقوله: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} [النحل: ٣٧].

وجاء ذِكرُ الهدايةِ واختصاصها بالله بين آياتِ الإِنفاقِ؛ للدلالةِ على أَنَّ هدايةَ قلوب المؤمنين لشرح صدورهم للإنفاق في سبيل الله هو كذلك إلى الله، ليس على الرسول ولا إليه، وقد ذكر المفسرون أَنَّ سببَ نزول هذه الآية أَنَّ الأَنصارَ كانوا لا يتصدَّقون على أَقاربهم من أهل الكتاب، ورُوي أَنَّ النبيَّ

<<  <   >  >>