للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣)} [البقرة: ٣١ - ٣٣]:

يخبر - تعالى - في هذه الآيات أنه علَّم آدمَ الأسماء كلها، وهي: أسماء أجناس الأشياء (١)، ثم إنه - تعالى - عرض هذه المسمَّيات على الملائكة، قال: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ}، فاعتذروا وقالوا: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢)}، ثم إنه - تعالى - أمر آدم أن يُعْلِمَ الملائكةَ بأسماء هذه الأشياء، فلما أخبرهم آدم بها ظهر فضلُه بذلك عليهم، وقال الله للملائكة: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ .. } أي: في السموات والأرض {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣)} فلما علّمَه - سبحانه - وخفي على الملائكة الحِكمُ والمصالحُ المترتبة على استخلافِ آدم وذريته بالأرض؛ أقرَّ الملائكةُ بالعجز وفوَّضُوا العلم إلى الله - تعالى - وآمنوا بكمال علم الله وحكمته لقولهم: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢)}.

{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ} أي: أسماءَ المُسمَّيات {كُلَّهَا} حتى القصعة والقُصَيعة، والفَسوة والفسيّة، بأنْ ألقى في قلبِه عِلْمَها {ثُمَّ عَرَضَهُمْ} أي: المسمَّيَات، وفيهِ تغليبُ العقلاء {عَلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ} لهم تبكيتًا: {أَنْبِئُونِي} أخبروني {بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ} المسمَّيات {إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في أني لا أخلقُ أعلمَ منكم أو أنكم أحقُّ بالخلافةِ،


(١) وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وجماعة من السلف. ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٥١٤ - ٥١٧)، و «تفسير ابن أبي حاتم» (١/ ٨٠، رقم ٣٣٦ - ٣٣٨).

<<  <   >  >>