يخبر - تعالى - في هذه الآيات أنه علَّم آدمَ الأسماء كلها، وهي: أسماء أجناس الأشياء (١)، ثم إنه - تعالى - عرض هذه المسمَّيات على الملائكة، قال:{أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ}، فاعتذروا وقالوا: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢)}، ثم إنه - تعالى - أمر آدم أن يُعْلِمَ الملائكةَ بأسماء هذه الأشياء، فلما أخبرهم آدم بها ظهر فضلُه بذلك عليهم، وقال الله للملائكة:{أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ .. } أي: في السموات والأرض {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣)} فلما علّمَه - سبحانه - وخفي على الملائكة الحِكمُ والمصالحُ المترتبة على استخلافِ آدم وذريته بالأرض؛ أقرَّ الملائكةُ بالعجز وفوَّضُوا العلم إلى الله - تعالى - وآمنوا بكمال علم الله وحكمته لقولهم: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢)}.
{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ} أي: أسماءَ المُسمَّيات {كُلَّهَا} حتى القصعة والقُصَيعة، والفَسوة والفسيّة، بأنْ ألقى في قلبِه عِلْمَها {ثُمَّ عَرَضَهُمْ} أي: المسمَّيَات، وفيهِ تغليبُ العقلاء {عَلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ} لهم تبكيتًا: {أَنْبِئُونِي} أخبروني {بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ} المسمَّيات {إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في أني لا أخلقُ أعلمَ منكم أو أنكم أحقُّ بالخلافةِ،
(١) وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وجماعة من السلف. ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٥١٤ - ٥١٧)، و «تفسير ابن أبي حاتم» (١/ ٨٠، رقم ٣٣٦ - ٣٣٨).